(١) ينبغي أن نحرر محلّ النزاع في هذا المقام، ومجمل القول في ذلك: أنه لا نزاع بين العلماء في انتفاء الحكم عند انتفاء شرطه، وإنما في الدال على هذا الانتفاء هل هو التعليق بالشرط، أو البراءة الأصلية؟ وبيان ذلك أن في تعليق الحكم بالشرط مثل: "إِن دخلت الدار فأنت طالق" أمورًا أربعة: الأمر الأول: ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط. الأمر الثَّاني: عدم الجزاء عند عدم الشرط. الأمر الثالث: دلالة التعليق على الأول. الأمر الرابع: دلالته على الثَّاني. واتفق العلماء على الثلاثة الأول، وإنما في الأمر الرابع بعد الاتفاق على أن عدم الجزاء ثابت عند عدم الشرط. فعند القائلين بالمفهوم ثبوته لدلالة التعليق عليه، وعند النفاة ثابت بمقتضى البراءة الأصلية، فالنزاع إِنما هو في دلالة حرف الشرط على العدم عند العدم، لا على أصل العدم عند العلم، فإِن ذلك ثابت قبل أن ينطق الناطق بكلام، وهذا الكلام في سائر المفاهيم. قال أبو زيد الدبوسي، وهو من المنكرين له: انتفاء المعلق حال عدم الشرط لا يفهم من التعليق، بل يبقى على ما كان قبل ورود النفي.