للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مستنبط؛ فحيل بما يقدح به في العِلَلِ المستنبطة؛ لأن هذه كلفظ أصَّله صاحب الشَّرع في الأحكام، فيتصرف فيه كيف. شاء، بخلاف ما نظنّه نحن ونستنبطه، فإِن القَوَادح إِذا تطرقت إِليه أشعرت بخطئنا فيما استنبطناه.

واعترضه شارحًا كلامه المازري وابن الأنباري.

أما ابن الأنباري فقال: فهم التعليل من الصفة المناسبة صحيح، وأما استفادة أنه حكم بالنقيض على غيره، فلا يحصل من التعليل؛ إِذ لا يستفاد من التعليل إِلا معرفة البَاعِثِ، فإِذا قلت: أكرم زيدًا لم يفهم النهي عن إِكرام غيره، فإِذا زدت ذكر العلّة في إِكرامه لا يصير له بالزيادة مفهوم لم يكن قبل ذلك، وهذا واضح.

قال: فمن زعم أن دلالة اللفظ تزيد عند تعليله، فليس على بَصِيرَةٍ من أمره.

وأما المازري فسلّم الدلالة على النفي عند التَّعليل، ولكن قال: القائلون بدليل الخطاب يقولون: إِن الصفة لم ترد في الشَّرع إِلَّا للإِشعار بأنَّ ما عداها في الحكم بخلافها، سواء عرفنا نحن المُنَاسبة أم لم نعرفها، ولا حاجة لنا إِلى معرفتها بعد نصب الشَّارع الوصف، فلهذا أطلق القوم الجواب في الصفة.

قلت: واعتراض ابن الأنباري بارد؛ فإِنَّ الإِمام قد نقل أن الصيغة تدل على النفي عند ذكر العلة، والنقل لا يمنع، ولا سيما من مثل هذا الإِمام.

وقوله: العلة لا تزيد مفهومًا - ممنوع، فقد تذكر العرب الباعث للتنبيه على انتفاء الحكم عند الانتفاء.

وأما ما ذكره المَازِرِيّ فالإِمام يقول بأن الصفة لا يعرف كونها للتَّعليل إِلَّا عند فهم المناسبة، ويمتنع قولهم: إِنها لم ترد في الشَّرع إِلا للتعليل.

ويقول حيث وردت لذلك: لاحت عليها آثار المُنَاسبة، وهذا ينبنى على أنه هل ظهور الإِحالة من شروط العلّة المستنبطة أو لا؟

والإِمام يدّعى أنه شرط، وهي مسألة معروفة في القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>