للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنين، وقيل: تنْقصُ ثلاثة وثلاثين يومًا (١) (٢).

ثمَّ تولَّى بَعْده ابنُه عليٌّ، المَلِكُ المَنْصُور، أبو الفَتْح، تَسَلْطَن بَعْد موت أبيه بيَومٍ، ثمَّ خُلِعَ بَعْد سنتين وثمانيةِ شُهُور وثلاثة أيَّام (٣)، وذلك سنة سبع وخمسين وستمائة.

ثم تولَّى أمْرَ السلْطَنَة الملِكُ المُظفَّر، سيْفُ الدِّينِ أبو الفتْحِ، قُطُز، وذلك في ذي القَعْدة من سنة سبع وخمْسِين وستمائة.

وهو الَّذي قام بنُصْرَة الإسْلام، لَمَّا جاءَ التَّتَارُ إلى مَمْلَكَة المُسْلِمِين، مع هولاكو مَلكهمْ بجَيْشٍ عظيمٍ، وكان له اليَدُ البيضاءُ في دَحْرِهم ورَد كيدِهِمْ.

وخيْرُ مَنْ صوَّر هذا البلاء العظيمَ العلَّامة ابن الأَثيرِ الجَزَرِيُّ في سِفْره الجليلِ المعروفِ بـ "الكامل" حيث قال:

"لَقَد بُلِيَ الإسْلامُ والمُسْلِمُون في هذه المدَّة بمصائبَ لَمْ يُبْتَلَ بِهَا أحدٌ من الأمم؛ مِنْها هؤلاء التَّتَرُ، فمنْهم من أقبلوا من الشَّرْق، ففَعَلوا الأفعال التي يستعظمها كلُّ مَنْ سَمِع بها، ومِنْها خروجُ الفرنج - لَعَنَهُم الله - مِن المغْرِبِ إلى الشَّام وقَصْدُهُم ديارَ مصْرَ، وامتلاكُهُم ثغْرَها - أي دمياط - وأشرفَتْ ديار مصر وغَيْرها على أن يَمْلِكُوها - لولا لُطْفُ اللَّهِ - ومِنْها أن السَّيْف بينهم مسلولٌ، والفتنة قائمةٌ".

لقد زحَفَ التَّتارُ على كل ما قابلهم من بِلاد الشَّرْق متَّجهِين نحو الغَرْب حَيْث الخلافةُ الإسلاميَّة، وكان ابتداؤهم بتَدمِير بلادِ الدَّوْلة الخُوارَزميَّة، على يد رأْسِهِمُ الأكْبَر جنكيز خان الَّذِي أحل بالبلاد الإسلامية كوارث فادحةً.

روى المؤرِّخ ابنُ الأثيرِ حادثةً دالَّةً على مبْلَغِ ما نزل بالنَّاس من الرعْب والانْهيارِ أمام


(١) ابن دقماق: الجوهر الثمين ٢/ ٥٦، المقريزي: الخطط ٢/ ٢٣٨.
(٢) وأشير هنا إلى أبيك كان قد أشرك معه في الملك الأشرف موسى بن يوسف بن يوسف بن محمد بن أبي بكر بن أيوب قطعًا لألسنة الناس لكونه من البيت الأيوبي، لكن أيبك خلعه، وسجنه حتى مات بعد ذلك. ينظر في ذلك: المقريزي: الخطط ٢/ ٢٣٧، السيوطي: حسن المحاضرة ٢/ ٣٨، ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة ٧/ ٥٥.
(٣) ينظر: ابن دقماق: الجوهو الثمين ٢/ ٥٨، المقريزي: السلوك ١/ ٤١٧، ابن إياس: بدائع الزهور ١/ ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>