للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرٌ من العلماءِ مِنَ الأُمُورِ المُستَحبَّة؛ لما فيه من المعاني المستخْرَجَة من الأحداثِ الَّتي تمرُّ بهم.

قال العلَّامة السخَاويُّ في "الإعْلان بالتَّوْبِيخ": "ويُنْتَفَع به - يَعْنِي التَّاريخ - فِي الاطِّلاع على أخبار العلماءِ والزهَّاد والفُضَلاء والخُلَفاء والمُلُوك والأُمَراء والنُّبَلاء، وسيرهم ومآثِرِهم في حَرْبهم وسِلْمهم، وما أبقى الدَّهْرُ من فضائلهم أو رذائِلِهم، بَعْد أن أبادهم الحَدَثانِ، وأبْلى جديدَهم المَلَوانِ" (١).

وَللهِ دَرُّ القَائِلِ: [الطويل]

إِذَا عَلِمَ الإنْسَانُ أَخْبَارَ مَنْ مَضَى … تَوَهَّمْتَهُ قَدْ عَاشَ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ

وَتَحْسَبُهُ قَدْ عَاشَ آخِرَ عُمْرِهِ … إِذَا كَانَ قَدْ أَبْقَى الجَمِيلَ مِنَ الذِّكْرِ

فَقَدْ عَاشَ كُلَّ الدَّهْرِ مَنْ كَانَ عَالِمًا … حَلِيمًا كَرِيمًا فَاغْتَنِمْ أَطْوَلَ العُمْرِ

وحيث إنَّنا نتحدَّث عن الإمام تاج الدِّين السُّبْكيِّ، فَلَنْ نفهم تكْوينَه الفكريَّ، ونستجلي مدَاخِلَ شخصيته، ما لم نتعرَّض - بإطْنَابٍ - لدراسة أحوال عصْره الذي نَشَأ فيه.

ودراسَتُنا هذه تُوجِبُ عَلَيْنَا أن نُلْقِي الضَّوْء عَلَى:

١ - الحالة السياسيَّة، وما حوته من أحباب جِسَامٍ.

٢ - الحالةُ الاجتماعيَّة، بمختلف مكوناتها.

٣ - الحالةُ الاقتصاديّة، من شتى مظاهرها.

٤ - الحالةُ الثقافيَّة، بكلِّ جَنَبَاتِهَا الفكريَّة والعلميَّة.

وقبْل الدُّخول في شيءٍ من وصْف الحالات الأَرْبَع، يحْسُن بنا أنْ نحدِّدَ العصر الذي عاش فيه "تاج الدين السبكيُّ"، والمعلومُ أن التاج قد عاشَ منْ سنة ٧٢٧ - ٧٧١ هـ.

ويَعْنِي هذا أن شَيْخَنَا قَدْ وُلدَ وَنَشَأَ ثُمَّ مَاتَ فِي عَصْرِ السَّلاطين المَماليكِ، وإنْ شِئْنَا التحديدَ قلْنا: في عصر المماليكِ البَحْريَّة، والذين امتدَّت مدَّةُ حكمهم من سنةِ ٦٤٨ - ٧٨٤ هـ (٢).


(١) ص ٨٥.
(٢) ينظر: خطط المقريزي ٣/ ٩٨، الخطط التوفيقية ١/ ٧٩، ١٠٩ - ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>