والأحاديث الواردة في تحريم كل ذي ناب من السِّبَاع، وكل ذي مخلب من الطير، وتحريم لحوم الحُمُرِ الأهلية.
والأحاديث التي دَلَّت على تَحْرِيم الرِّضَاعِ.
وتحريم الجَمْعِ بين المَرْأَة وعَمّتها أو خَالَتِهَا.
والأحاديثُ الواردَةُ في تَشْرِيع الشُّفْعَةِ والرَّهن في الحضر، وبيان ميراث الجَدَّةِ، والحكم بِشَاهِدٍ ويَمِينٍ.
ووجوب الرَّجْم للزَّاني المُحْصَنِ.
ووجوب الكَفَّارة على من انتهك حرمة شهر رمضان، وغير ذلك كثير.
اعلم أن النَّوْع الأَوَّل والثاني من هذا التَّقسيم مُتَّفَقٌ عليهما بين المسلمين، وأن النوع الثالث مختلف فيما بينهم كما صَرَّح بذلك الشافعيُّ في "رسالته" فقال: "فلم أَعْلَمْ من أهل العِلْمِ مخالفًا في أن سُنَنَ النَّبِيِّ ﷺ من ثلاثة وجوه فاجتمعوا على وجهين:
أحَدُهُما: ما أنْزَلَ اللَّهُ فيه نَصنَ كتاب فبيَّنَهُ رسولُ الله ﷺ مثل ما نَصَّ الكتاب.
والآخر ما أنزل الله فيه جُمْلة كتاب، فبين عن الله معنى ما أراد، وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما.
والوَجْهُ الثالِث: ما سنَّ رسول الله ﷺ فيما ليس فيه نص كتاب كما قَدَّمْنَا، فمنهم من قال: جعِل الله له بما افترض من طَاعَته، وسبق من علمه، وتوفيقه لمرضاه أن يسن فيما ليس فيه نصّ كتاب.
ومنهم من قال: لم يسن سُنَّة قطُ إلا ولها أصل في الكتاب كما كانت سُنته تبين عدد الصلاة وعملها، على أصل جملة فرض الصلاة. وكذلك ما سَنَّ من البُيُوع وغيرها من الشرائع؛ لأن الله قال: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [سورة النساء: الآية ٢٩]. وقال: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٧٥].
ومنهم من قال: بل جاءته به رسالة الله، فأثبتت بفرض الله.
ومنهم من قال: ألقى الله في روعه كل ما سَنّ، وسنته الحِكْمَةُ الذي أَلْقَي في روعه عن الله، فكان ما ألقي في روعه سنة.