للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ، لَوَجَبَ لِفَائِدَةٍ، وَإلَّا، كَانَ عَبَثًا، وَهُوَ قَبِيحٌ، وَلا فَائِدَةَ لله تِعَالَى؛ لِتَعَالِيهِ عَنْهَا، وَلا لِلْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا؛ لأِنَّهُ مَشَقَّةٌ، وَلا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ، وَلا فِي الآخِرَةِ؛ إِذْ لا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِي ذلِكَ.

قَوْلُهُمْ: الْفَائِدَةُ الْأَمْنُ مِنَ احْتِمَالِ الْعِقَابِ فِي التَّرْكِ، وَذلِكَ لازِمُ الْخُطُورِ - مَرْدُود بِمَنْعِ الْخطُورِ فِي الْأَكْثَرِ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَمُعَارَضٌ بِاحْتِمَالِ الْعِقَابِ عَلَى ..........

الجويني في "شرح الرسالة" عمن وافق المعتزلة من أصحابنا بأنهم لم يكن لهم قدمٌ راسخٌ في الكلام، وربما طالعوا كتب المعتزلة فاستحسنوا هذه العبارة - وهي أن شكر المنعم واجب "عقلًا"، فذهبوا إليها غافلين (١) عن تشعّبها عن أصول القدرية.

قال القاضي: مع علمنا بأنهم ما انتحوا مَسَالكهم، وما اتبعوا (٢) مقاصدهم.

قلت: وهو كلام حَق بالنسبة إلى من عدا القَفَّال الكبير، أما القفالُ فكان إمامًا في الكَلامِ مقدمًا، والذي عندنا أنه لما ذهب إلى هذه المقالة وما أشبهها من قوله: يجب العمل بخبر الواحد عقلًا، وبالقياس عقلًا، ونحو ذلك - كان على الاعتزال، لا بد أن يكون رجع عن ذلك.

واستدلّ على عدم الوجوب بالعَقْلِ، فقال: "لأنه لو وجب لوجب (٣) لفائدة وإلَّا" فلو وجب لا لفائدة "كان" الوجوب "عبثًا، وهو قبيح"، والعقل الذي عليه تفرع (٤) يدرؤه.

والقولُ بالوجوب لفائدة أيضًا باطلٌ؛ لأن الفائدةَ، إما راجعة إلى الله أو إلى العبد، "ولا فائدة" في الشكر" [لله تعالى، لتعاليه عنها، ولا للعبد] (٥) في الدنيا؛ لأنه مشقّة"، إذ هو ارتكاب الواجب واجتناب المحرم، وهو تعب ناجز، "ولا حَظّ للنفس فيه، ولا في الآخرة؛ إذ لا مجالَ للعقل في ذلك" - كذا بخطه - أي: في ثواب الآخرة أو نفعها.

وإما التزامهم القسم الثاني - وهو عود الفَائِدَةِ إلى العَبْد في الدنيا.

الشرح: "قولهم: الفائدة الأمن من احتمال العكاب في الترك" لشكر المنعم، "وذلك" الاحتمال "لازم الخطور" بِبَالِ كُل عاقل يرى نفسه متقلبًا في نعم محسن، ثم لا يشكره؛ فإن مثلَ هذا بالحري أن يخاف عقابَ المنعم على نفسه.

وهو قول "مردود لمنع الخطور" خطور العقاب "في"بال "الأكثر" من الخلق.

"ولو سلم" خطوره لجميع العقلاء، "فمعارض باحتمال العِقَابِ على الشكر"، فإذن احتمال


(١) في ت: عاقلين.
(٢) في أ، ج، ح: ابتغوا.
(٣) سقط في ت.
(٤) في أ: تفرع عليه.
(٥) سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>