للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُورِضَ؛ بِتَرْجِيحِ الاشْتِرَاكِ؛ بِاطِّرَادِهِ؛ فَلَا يَضْطَرِبُ، وبِالاشْتِقَاقِ، فتَتَّسِعُ؛ وَبِصِحَّةِ الْمَجَازِ فِيهِمَا؛ فَتَكْثُرُ الْفَائِدَةُ؛ وَبِاسْتِغْنَائِهِ عَنِ الْعَلَاقَةِ، وَعَنِ الْحَقِيقَةِ، وَعَنْ مُخَالَفَةِ ظَاهِرٍ، وَعَنِ الْغَلَطِ؛ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ.

الشرح: "وعورض" ما ذكرناه من أدلة المجاز؛ "بترجيح الاشتراك؛ باطِّراده؛ فلا يضطربُ"؛ بخلاف المجاز؛ فإنه لا يطرد.

"وبالاشتقاق" الحاصلِ من معنييه؛ "فتتسعُ" الفائدة؛ بخلاف المجاز؛ فإنه لا يُشتقُّ منه؛ وفاقًا للقاضي، والغَزَّاليِّ، وإلْكِيَّا (١)؛ حيث منعوا الاشتقاق من المجاز؛ واستدلوا على أن (الأمر) حقيقة في (القول)؛ بأنه اشتق منه بهذا المعنى فاعلٌ ومفعولٌ، ولم يشتق ذلك منه، إذا كان بمعنى (الفعل).

ولكن رُدَّ هذا المذهبُ؛ بأنه يئول إلى قصر المَجَازَاتِ كلِّها على المَصَادر؛ لأنك إذا اشتققت من المعنى الحقيقي، لم يصح؛ لانتفاء العَلَاقَةِ.

مثاله: (ضارب)؛ بمعنى: متسبِّب في الضرب، إذا اشتققت من الضرب الحقيقي؛ فإنه لا علاقة بينهما، والاشتقاق من المجاز متعذِّر؛ على هذا.

قلت: وأنا أجوِّز أن هؤلاء لا يطلقون منع الاشتقاقِ من المجاز، لكن يقولون: إنما يشتقُّ منه بحسب الحقيقة، فإذا اشتق منها فاعل فقط، لم يشتقَّ من مجازها إلا فاعلٌ فقط، لا مفعولٌ، ولا صفةٌ مُشَبَّهةٌ مثلًا؛ فيتوقف استعمال (ضارب) بمعنى: متسبَّب؛ على استعمال (ضارب) بالحقيقة، ولا يكفي استعمل (مضروب)؛ بالحقيقة، إلا إن تجوزنا باسم المفعول، وهذا قريبٌ، وإنما مَنْعُ الاشتقاقِ من المجاز رأيٌ ساقط؛ فليقرَّر كلام المصنِّف على أنه لا يشتق منه إلا بحَسَب الحقيقة.

"وبصحة المجاز فيهما"، أي: في معنيي المشترك؛ "فتكثر الفائدة"؛ بخلاف المَجَازِ؛ "وباستغنائه عن العَلَاقَةِ"، "وعن" سَبْقِ "الحقيقةِ، وعن مُخَالَفَةِ ظاهر"، والمجازُ ارْتِكَابٌ لخلاف الظاهر؛ إذ الظاهرُ الحقيقةُ.

"وعن الغلطِ؛ عند عدم القرينة؛ فإن السامع، إن وجد قرينة، عَلِمَ المرادَ، وإلَّا، توقف


(١) في حاشية ج: قوله: "إلْكيّا" بكسر الهمزة وسكون اللأَم وتشديد الياء، كذا وجدته مضبوطًا بالقلم بخط الأذرعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>