لَنَا: خَرَجَتِ الْعِلَّةُ عَنِ الاِعْتِبَارِ، فَلا فَرْعَ.
قَالُوا: الْفَرْعُ تَابعٌ لِلدَّلالَةِ لا لِلْحُكْمِ، كَالْفَحْوَى.
قُلْنَا: يَلْزَمُ مِنْ زَوَالِ الْحُكْمِ زَوَالُ الْحِكْمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، فَيَزُولُ الْحُكْمُ مُطْلَقًا؛ لاِنْتِفَاءِ الْحِكْمَةِ. قَالُوا: حَكَمْتُم بِالْقِيَاسِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ بِغَيْرِ عِلَّةٍ.
قُلْنَا: حَكَمْنَا بِانْتِفَاءِ الْحُكْمِ لاِنْتِفَاءِ عِلَّتِهِ.
وإذا قلنا: لا يبقى، فقد وقع في كلام بعضهم تسميته نسخًا.
وليس بجيّد، فلقد أجاد المصّنف في قوله: لا يبقى، وعدوله عن أن يقول: نسخ معه حكم الفرع؛ لما علمت من أن أصحابنا لا يقولون: إن حكم الفرع ينسخ باعتبار حكم الأصل، بل يزول حكمه؛ لزوال كون العلّة معتبرة، والحكم إذا زال لزوال علّته لا يقال: إنه منسوخ.
وما أحسن قول إمام الحرمين في "التلخيص": إذا ثبت حكم من الأحكام في مسألة مثلًا بخبر، ثم استنبطنا منه علة فألحقنا بالمنصوص ما ليس بمنصوص قياسًا، ثم نسخ الأصل الذي منه استنبطنا القياس. فيتداعى ذلك إلى ارتفاع القياس المستنبط عنه. انتهى.
وقول المصنّف: "لا يبقى" نظير قول الإمام: "يتداعى"، والعباراتان سديدتان.
ومن عبر بـ "النسخ" فقد وهم، وأتى من سوء التعبير فقط، ولم يرد حقيقة النسخ.
الشرح: "لنا: خرجت العلة" المستنبطة بنسخ الأصل "عن الاعتبار، فلا فرع"، وإلا لزم ثبوته بلا دليل؛ لأن دليله العلة، والفرض انتفاؤهما.
وإن شئت قل: لا، حكمُ الأصل أصل للعلّة، فإذا بطل بطلت، فلا فرع.
"قالوا" أولًا: "الفرع تابع للدّلالة لا للحكم، كالفحوى".
"قلنا: يلزم من زوال الحُكم زوال الحكمة المعتبرة"؛ لأنها لو بقيت لبقى الحكم، "فيزول الحكم مطلقًا؛ لانتفاء الحكمة"، ولا كذلك مفهوم الموافقة؛ إذ لا يلزم من انتفاء الحكمة المحرمة للتأفيف، انتفاء الحِكْمة المحرمة للضرب؛ إذ لا يلزم من ارتفاع الأقوى ارتفاع الأضعف.
"قالوا" ثانيًا: الحكم لا يفتقر إليها في دوامه؛ لأن إسلام الطّفل معلّل بإسلام أبيه،