للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وجوابه: وإن تبين أنه إِذا تغلظ من وجه، لم يجب معه تَغْليظ آخر.

قال: "مثل" قولنا في مسح الرأس: "مسح فيسنّ فيه التكرار، كالاستْتِطَابة"؛ إِذ يستحبّ فيها عند المالكية الثلاث وإن حصل النَّقَاء بدون الثلاث، وهو وجه عندنا.

"فيردّ: أن المسح معتبر في كراهة التكرار على الخُفّ"، فلو كان كونه مسحًا علّة التكرار، لما كان علّة عدمه في مسح الخفّ للإِتلاف فقط، ولا مدخل لكونه مسحًا في العلّية، وفي المثال نظر من أوجه:

أحدها: أنكم قلتم: إِنه علة عدمه كراهة التَّكْرَار بالعلة، وفي كراهة التكرار الإِتلاف فقط، ولا مدخل لكونه مسحًا في [العلة] (١).

والثاني: سلمنا، ولكن ذلك من جِهَةِ المُنَاسبة المشعرة بنقيض الحكم، كما ذكرناه في كَفّارة القتل العمد، ولا نص هنا ولا إِجماع، والمصنف لم يذكر سواهما.

والثالث: أنه لا يتأتى على الصحيح عندنا؛ إِذ الصحيح إِيجاب ثلاث مَسْحات حصل النقاء بدونها أم لم يحصل.

والأولى أن يمثل بقول الحَنَفي في تنجيس سُؤْرِ السباع: سَبُع ذو ناب، فكان سُؤْره نجسًا كالكلب، فنقول: علقت على العلة ضد مقتضاها؛ لأن كونه سبعًا علّة الطَّهَارة بدليل أنه دُعِيَ إلى دار قوم، فأجاب دون دار آخرين، وقال: "إن فِي دَارِهِمْ كلْبًا.

فقيل: وفي دار الذين أجبتهم هرة، فقال: "الهِرَّةُ سَبُع" (٢)، فجعل السبع علة الطهارة، ذكره الشيخ أبو إِسحاق في "الملخص".

قال: "وجوابه: ببيان" تحقق "المانع" عن التكّرار في الخُفّ؛ "لتعرضه للتلف" بالتكرار، بخلاف صورة النزاع، "وهو "أعني: هذا السؤال "نقض" للعلّة؛ إذ قد وجد المدعي علّة مع تخلف الحكم "إلا أنه" نقض خاصّ؛ لأنه "يثبت" أن "النقيض"، أعني:


(١) في أ، ت: العلية.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٢) وأحمد (٢/ ٤٤٢)، والدارقطني (١/ ٦٣)، والبيهقي (١/ ٥١ - ٥٢) من طريق عيسى بن المسيب عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعًا.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٤/ ٤٥) وقال: وفيه عيسى بن المسيب، وثقه أبو حاتم، وضعفه غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>