للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقد لاح بهذا أنه لا حُجَّةَ لمن زعم أن الشافعي يقول: (الواو) للترتيب بهذه المسألة.

فإن قلت: فالأصح وقوع الثلاث فيما إذا علَّق هذا اللَّفظ، ووجدتِ الصفة.

قلت: لأن الصفة وقوعٌ لا إيقاعٌ، فوُجِدَتِ التَّطليقاتُ الثلاثُ معًا، وهو في التَّعليق بإزاء: أنتِ طالق ثلاثًا سواء.

وتعلَّقوا أيضًا بإيجاب الشَّافعى الترتيب في الوضوء (١) من آية الوضوء، والشَّافعيُّ لم يأخذ ذلك من (الواو)، بل من جهة أن العبادة كلَّها مترتبة؛ كالصَّلاة، والحج، والوضوءُ منها، و (الواو) لا تنفي الترتيب.

وقال الأستاذ أبو منصور البغداديُّ: معاذ الله أن يصحَّ عن الشَّافعيّ أنها للترتيب، وإنما هي عنده لمطلق الجمع (٢).

قلت: ومما يوضِّحه اتفاق الأصحاب على أنَّ: وقفت (٣) على أولادي، وأولاد (٤) أولادي - يقتضي التسوية، وإن أتى في بعض الفروع خلافٌ، فمنشؤه من اختيارٍ لقائله أن (الواو) للترتيب؛ كما في: إن دخلتِ الدار، وكلمتِ زيدًا، فأنتِ طالق.

قال الأصحاب: لا فرق بين تقدَّم الكلام وتأخُّره.

وفي (التتمة) ما يقتضي إثبات خلافٍ فيه؛ ولا يشكل علينا إلا ما قال صاحب (التهذيب) فيما إذا قال لعبده: إن مت، ودخلت الدار، فأنت حر - أنه لا بد من وقوع الدَّار بعد الموت، وسكت عليه الرَّافعي، فإن لاح له وجهٌ غيرُ اقتضاء (الواو) الترتيب، وإلا فلا أراه المذْهَبَ.


(١) واختلفوا في الترتيب، فذهب بعضُهُم إلى وُجوبه على ما ذكر الله ، حتَّى لو بدأ بغسل اليدين قبل غسل الوجه، أو مسحَ برأسه قبل أن يغسل يديه وصلَّى، تجب الإعادة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، ويُروى ذلك عن أبي هريرة.
وذهب الأكثرون إلى أنه سُنَّة، فلو عكس وصلى، لا تجب الإعادة، ويُروى ذلك عن علي وابن مسعود، وبه قال من التَّابعين: سعيدُ بن المُسَيَّب، وعطاء، والنخعي، وإليه ذهب الأوزاعيّ، والثوريّ، وربيعة، وأصحاب الرأي. ينظر: شرح السنة ١/ ٣٢٢.
(٢) وتكملة كلامه: وإنما نسب للشافعي من إيجابه الترتيب في الوضوء، ولم يوجبه من الواو بل لدليل آخر؛ وهو قطع النظير عن النظير، وإدخال الممسوح بين المغسولين، والعرب لا تفعل إلا إذا أرادت الترتيب. ينظر: البحر المحيط في أصول الفقه ٢/ ٢٥٦.
(٣) في ت: وقعت.
(٤) في ت: فأولاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>