للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنِ الشَّافِعِيِّ -: ظَاهِرٌ فِيهِمَا؛ عِنْدَ تَجَرُّدِ الْقَرَائِنِ كَالْعَامِّ.

وأما إِطلاقه على معنييه معًا فصحيح، لكن "مجازًا لا حقيقة"، وبه قال إِمام الحرمين "وكذلك مدلولا الحقيقة والمجاز" كآية المُلامَسَةِ، ومنعه القاضي (١).

وكذا المجازان معًا.

"وعن القاضي والمعتزلة: يصح" إِطْلاق المشترك على معنييه "حقيقة إِن صحّ الجمع" بينهما، سواء أكان جمعًا في أصل الفعل، وإِن لم يصحّ اجتماعهما بأنفسهما، كما لو قال: اعتدى بالقُرْء، وأراد مجموع الطُّهر والحَيْض، أو جمعًا فيه مع صحة الاجتماع كما لو قال: انظر العين، وأراد الشمس والذهب، لا إِن لم يصح، كاستعمال صيغة "افعل" مرادًا بها الأمر والتهديد.

ولقائل أن يقول: لا حاجة إِلى قوله: إِن صَحّ الجمع فإِنّ الكلام إِنما هو حيث صَحّ.

الشرح: "وعن الشَّافعي: ظاهر فيهما عند تجرُّد القرائن"، فيحمل عليها، ثُمَّ اختلف عليه، فطريقة الإِمام أنه إِنما حمله عليهما احتياطًا.

وطريقة إِمام الحرمين، والغزالي، والآمدي، والمصنّف أنه عنده "كالعام" أي: حكمًا، وإِلا فليس هو نفس العام؛ فإِنَّ العام غير مختلف الحقيقة، وهذا مختلف الحقيقة، والعامّ يحمل على جميع الأفراد، بخلاف هذا، وإِنما شابه العَامّ من حيث شموله متعدّدًا، وأنه يحمل على النَّوعين، كما إِذا قال: ائتنى بعين، يحمل على البَاصِرَةِ والجارية إِذا لم تقم قرينة تدلّ على التعيين، ولا تعم أفراد النوعين، فافهم ذلك.

فإِن قلت: ثم يتفصّل مذهب الشَّافعي رأى القاضي.

قلت: القاضي يقول: إِنه يصحّ إِطلاقه على كلّ منهما على حدته حقيقة، وعلى مجموعهما كذلك، ويقول: إِن الوضع لكلّ منهما يفيد ذلك، والشَّافعي يقول ذلك، ثم يزيد فيقول: وإذا تجرّد عن القرائن كان في المجموع أظهر، فحينئذ المشترك بلا قرينةٍ عند القاضي مجمل، عند الشَّافعي ظاهر في الجميع على ما نقل المصنّف؛ ولذلك ذكره في باب العموم، وعلى ما نقل غيره عندهما مجمل، ولكن يزيد الشَّافعي بأن يحمل على معنييه


(١) تقدم الكلام على المشترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>