للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بعد معرفتك أنه استفراغ الوسع أنه لا يكون إلّا فيما فيه مشقّة وكلفة.

"وفي الاصطلاح: استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظنّ يحكم شرعي"، ومعنى استفراغ الوسع بذل تمام الطَّاقة بحيث تحس النفس بالعجز عن المزيد، وهو جنس، والفقيه احتراز عن المقلد.

وإنما قلنا: لتحصيل ظن؛ لأنه لا اجتهاد في القطعيات، وقولنا: بحكم شرعي، يخرج غيره من الحسيات والعقليات؛ فإنه بمعزل عن مقصودنا.

"والفقيه" ذو الفقه، وقد "تقدم" في أول الكتاب تفسير الفقه، فعرفت به الفقيه، "وقد علم" من هذا التعريف ركنا الاجتهاد، وهما "المجتهد، والمجتهد فيه"، فالمجتهد من اتصف بالاجتهاد.

والمجتهد فيه حكم ظني شرعي عليه دليل.

قال بعض علمائنا: والاجتهاد في حقّ العلماء على ثلاثة أضرب:


= يترتب عليه من المصالح، كتكثير النسل، ومساعدة الرجل على تجنب الحرام الذي قد يقع فيه صاحب الزوجة الواحدة إذا عرض مانع من التمتع بها مثل المرض والنفاس.
ويبقى النظر في المصالح التي لم يقم دليل معين على رعايتها أو على إلغائها، وهذه هي التي تسمي المصالح المرسلة، وقد اعتد بهذه المصالح كثير من الفقهاء، وبنوا بعض الفتاوى على رعايتها، والجاري على بعض الألسنة والأقلام أنها أصل من أصول المذهب المالكي، والواقع أن لها يدًا في سائر المذاهب المعول عليها، وللمالكية القسط الأوفر في استثمارها، قال ابن دقيق العيد: الذي لا شك فيه أن لمالك ترجيحًا على غيره من الفقهاء في هذا النوع، ويليه أحمد بن حنبل، ولا يكاد يخلو غيرهما عن اعتباره في الجملة، ولكن لهذين ترجيح في استعماله. وقال البغدادي في "جنة الناظر": لا تظهر مخالفة الشافعي لمالك في المصالح؛ فإن مالكًا يقول: إن المجتهد إذا استقرأ موارد الشرع ومصادره، أفضى نظره إلى العلم برعاية المصالح في جزئياته وكلياته، وأن لا مصلحة إلا وهي معتبرة في جنسها، لكنه استثنى من هذه القاعدة كل مصلحة صادمها أصل من أصول الشريعة، وما حكاه أصحاب الشافعي عن الشافعي لا يعدو هذه المقالة.
ولهذه القاعدة أمثلة مسوقة في كتب الأصول من فتاوى السلف وأقضيتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>