للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الكَلْبَ وَحَرَّمَ ثَمَنَهُ" (١) فقوله: "إن الله حرم الكلب" يقتضي تحريم جميع جهات الانتفاع به من البيع، والإجارة، والهِبَةِ وغيرها.

وقوله: "وحَرّم ثَمَنَهُ" دليل أن غير الثمن ليس بمحرم، وهذا يخص عموم ذلك النطق المحرم، فالمذهب أن الدّليل يسقط، ولا يخصص عموم أصله به.

وحكي عن أبي الحسين بن القَطّان (٢) أنه قال: يجوز تخصيص أصله به، وليس بشيء؛ لأنه فرع الأصل، فلا يجوز أن يعترض عليه، وسقط شيء من حكمه.

وأصحاب أبي حنيفة يجيزون مثل هذا في القياس إذا خصّ أصله، ولا نجيزه نحن، وقد تكلّمنا عليه في مسألة الزنا.

فأما دَلِيلُ الخطاب [فهم] (٣) لا يقولون به حتَّى نتكلّم معهم في التَّخصيص به.

قلت: وكذلك ذكره سليم الرَّازي تلميذ الشَّيخ أبي حامد في "التقريب وهو ما يقوله أصحابنا: لا يجوز أن يستنبط من النَّص معنى يعود على أصله بالبُطْلان، وهل يجوز أن يستنبط معنى يخصه؟

فيه قولان: قالوا: يجوز أن يستنبط منه معنى يعممه قَطْعًا، وهو القياس، وسيكون لنا عودة إلى ذكر هذا في كتاب "القياس" إن شاء الله تعالى.


(١) لم نجده بهذا اللفظ، ولكن ورد في معناه حديث جابر: نهى رسول الله عن ثمن الكلب والسنور.
أخرجه أبو داود (٣٤٧٩) والترمذي (١٢٧٩).
وفي معناه أيضًا حديث أبي مسعود الأنصاري بلفظ: إن رسول الله نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن".
أخرجه البخاري (٤/ ٤٩٧) رقم (٢٢٣٧) ومسلم (٣/ ١١٩٨) رقم (٣٩/ ١٥٦٧).
(٢) أحمد بن محمد بن أحمد، أبو الحسن بن القطان، البغدادي. قال أبو إسحاق: درس بـ "بغداد" وأخذ عنه العلماء. قال الخطيب. البغدادي: هو من كبراء الشافعيين، وله مصنفات في أصول الفقه وفروعه. قال الذهبي: عمر وشاخ. قال ابن باطيش: أخذ عن ابن سريج ثم عن أبي إسحاق ثم عن ابن أبي هريرة. توفي سنة ٣٥٩ هـ. ينظر: شذرات الذهب ٣/ ٢٨، وطبقات الشافعية لابن هداية ص (٢٧)، ووفيات الأعيان ١/ ٥٣، وطبقات الفقهاء للشيرازي ص (٩٢)، وتاريخ بغداد ٤/ ٣٦٥، والأعلام ١/ ٢٠١، وابن قاضي شهبة ١/ ١٢٤.
(٣) في أ: وهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>