. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الإمام في "البرهان": فإن العبارة لا تقتضي بنفسها، وإنما تشعر بمعناها.
"ورد" هذا التعريف بـ "أن المأمور مشتقّ منه" - أي: من الأمر، فيتوقف معرفته على معرفته؛ لأن معنى المشتقّ منه موجود في المشتقّ مع زيادة.
"وأن الطاعة موافقة الأمر" - والمضاف من حيث هو مضاف لا يعرف إلا بمعرفة المضاف إليه، "فيجيء الدور فيهما" - بحسب لفظ المَأمور والطَّاعة.
وأجاب النَّقْشَوَاني. بأن المراد بالمأمور، والمأمور به المخاطب والمخاطب به، وبالطاعة الموافقة.
وأما كون ذلك موافقة الأمر الوارد، فذاك أخص من هذا.
قال: على أن الدور مندفع، لأن ماهية الأمر وإن كانت مجهولة، واحتاجت إلى تعريف حَدّي مشتمل على الجنس والفصل - لكنها معلومة لهم من حيث يمكن أن [يشتق] (١) منه المأمور، والمأمور به، فإن الأمر معروف لكل أحد علمًا ضروريًا بوجه ما.
وهذا القدر كافٍ في معرفة المأمور والمأمور به. فتعرف بهما الماهية رسميًّا ولا دور.
واعترضه الشيخ الأصبهاني في "شرح المحصول" فقال: قوله: المأمور المخاطب. قلنا: إن عني بلفظه ما ذكرت، فالإشكال وارد على أنَّه، والعناية لا تدفع الورود وإن لم يعنه، بل عني به ظاهر ما يشعر به لفظه، فورود الإشكال أظهر.
وأيضًا فاستعمال المأمور وإرادة المخاطب مجاز؛ لأن المخاطب أعم.
وقوله: المراد بالطَّاعة الموافقة التي هي أعم من موافقة الأمر.
قلنا: صاحب الحد قد فسّر الطاعة بموافقة الأمر، فالإشكال يتوجّه عليه.
قوله: الأمر معلوم علمًا ضروريًا بوجه ما.
قلنا: ذلك الوجه هو تميزه عن النهي، وسائر أقسام الكلام، وهو مجهول التفصيل لا محالة للجهل بجنسه وفصله إن كان مركبًا منهما.
(١) في أ: يسبق.