للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمامُ أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ الشَّافعيُّ (٤٧٦ هـ) صاحب "اللُّمَع" و"التَّبْصِرة" وظهر أيضًا إمامُ الحرمَيْنِ (٤٧٨ هـ) صاحبُ "البُرْهَان".

قال ابن خلدون في "مقدمته" (١): "وكان مِنْ أحْسَن ما كتب فيه المتكلِّمون كتابُ "البُرْهَان" لإمامِ الحَرَمَيْنِ، و"المستَصْفَى" للغزاليِّ، وهما من الأشعريَّه، وكتابُ "العمد" لعَبْد الجَبَّار، وشَرْحُه "المُعْتَمَد" لأبي الحُسَيْن البَصْرِيِّ وهو من المعتزلة".

كذلك كان القَرْنُ السَّادِسُ الهجريُّ حافِلًا بعلماء الأُصُول الشافعيَّة أصحابِ الاتِّجاه النظريِّ، وحافلًا بإنجازاتهم الأصولية.

ومن أبْرزِ هؤلاءِ العلماء الإمامُ الغزاليُّ حجَّةُ الإسْلام (٥٠٥ هـ) وله كُتُبٌ كثيرةٌ في الأُصُول مثل: "المستَصْفَى"، و"المَنْخُولِ"، و"المَكْنُونِ"، و"شِفَاءِ العَلِيلِ" … الخ.

يقول العلَّامة الخُضَريُّ (٢) عن كتاب "المستَصْفى": وعبارةُ المستَصْفَى راقيةٌ مِنْ حَيْثُ أُسْلُوبُهَا العربيُّ، ولم يَكُنِ الغزاليُّ ممن يَشِحُّ على القرْطَاس؛ فتَرَاه كما قال يُطْلِق فيه العِنَانَ حتَّى يبلغ الغايةَ ممَّا يُرِيد، ولم يَكُنْ قد جَاءَ في زَمَنِهِم دَوْرُ التَّلخيصِ والاخْتِصَار؛ لأنَّ همَّهم الوحيدَ كانَ تأْدِيةَ المَعْنَى إلى فِكْر السَّامِع، طالَ الكلام أو قَصُر".

ثمَّ جاء الإمامُ فخْرُ الدِّينِ الرَّازيُّ (٥٤٤ - ٦٠٦ هـ) صاحبُ "المَحْصُول".

قال الإسنويُّ:"المَحْصُول" استمدادُهُ من كِتابَيْن لا يَكَاد يَخْرُج عَنْهُما غَالِبًا: أحَدُهما: "المستَصْفَى" لحجَّة الإسْلام الغَزالِيِّ، والثَّاني: "المُعْتَمَد" لأبي الحُسَيْن البَصْرِيِّ" (٣).

ثم الآمِدِي سيف الدِّين (٥٥١ - ٦٣١ هـ) صاحبُ "الإحْكَام فِي أُصُولِ الأَحْكَام".

قال العلَّامة ابن خَلْدُونَ: "ثمَّ لَخَصَ هذه الكتبَ الأرْبَعَة "البُرْهَانَ"، و"المُسْتَصْفَى"، و"العُمَدَ"، و"المُعْتَمَدَ" - فَحْلان من المتكلِّمين المتأخِّرين، وهما الإمامُ فخْرُ الدِّينِ بنُ الخَطِيبِ في كتاب "المَحْصُول"، وسَيْفُ الدِّين الآمِدِيّ في كتاب "الإحْكَام"، واختلفت طرائِقُهما في الفنِّ بين التَّحْقِيق والحِجَاج، فابْنُ الخطيبِ أَمْيَلُ إِلَى الاستكثار من الأدلَّة والاحتجاجِ، والآمِدِيُّ مولَعٌ بتحقيق المَذاهِب وتَفْرِيع المَسَائل، وأما كتابُ "المَحْصُول"


(١) ينظر: المقدمة ٥٠٨.
(٢) ينظر: أصول الفقه له ص ٧.
(٣) ينظر: نهاية السول ١/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>