حُرُوب مع السَّلاجِقَة، وقدْ ساعد نجْمُ الدِّين أَيُّوبُ والدُ صلاح الدين - عماد الدين، فأحسن استقباله ووفادته، ولذلك توطدت العلاقة بين البيت الزنكي والأيوبي، وتسير الأُمُور حتَّى يسيطر السلاجقةُ بزعامة نُور الدِّين زنْكِي عَلَى مصْر بمساعدة صلاح الدِّين وأسدِ الدِّين شيركوه، حتَّى إذا تُوُفِّيَ نور الدِّين، يخلفه صلاح الدين، فَيَبْسُط سلطان الأيُّوبِيِّين على البلاد الممتدَّة من مصْرّ إلى الفُرات.
وتزْحَف الحملاتُ الصليبيَّةُ عَلَى العَالَمِ الإسْلاميِّ، فيتصدَّى لها السُّلطان صلاحُ الدِّين الأيُّوبيُّ حتَّى تَنكَسِرَ وتتحطم، فيحمد له التاريخُ ذلك.
وَبِتَوَلِّي صلاح الدِّين الأمْرَ في مصْر، كان بدايةُ ظهور الدَّوْلَة الأيُّوبيَّة عَلَى مَسْرح الأحداث، وامتلأَتْ أيَّام حُكْم صلاحِ الدِّين بالحُرُوب والفُتُوحِ، وأعظمها فتْحُ بيت المقدس، وبلادِ الشَّامِ، إلَّا أَنَّ الصليبيين يُعَاوِدُونَ هُجُومَهُم، فيعقد معهم هدْنةً، وفي خلالِ ذلك يُفَجَّع المُسْلِمُونَ بمَوْت صَلاحِ الدِّين في سنة ٥٨٩ هـ.
ويتوالَى سلاطينُ الأيوبيِّين واحدًا بعد الآخَرِ إلى أنْ تضعف دوْلَتُهم، بعد تدخُّل المماليك في شؤون البلاد، حتَّى تسْقُط الدوْلَة بمقتل توران شاه ابن الملك الصَّالِح نَجْم الدِّين أيُّوب، وذلك سنة ٦٤٨ هـ.
وقد ظهر في خلال تِلْك الفتْرة نهضةٌ علميةٌ، ظهرتْ من خلالِ علماء جهابِذَةٍ وُجدُوا في أقطارِ العالم الإسْلاميِّ آنذاك، فمنهم:
حجَّة الإسلامِ أبو حامد الغزاليُّ المتوفَّى سنة ٥٠٥ هـ، وعبد اللّه البَطْلَيوسِيُّ الفقيهُ المحدِّث الأصوليُّ المالكيُّ المتوفَّى سنة ٥٢١ هـ، وأبو الحَسَن بنُ الزاغُونِيِّ، الفقيهُ الحنبليُّ المتوفَّى سنة ٥٢٧ هـ، والقاضي أَبُو بَكْر بْنُ العربيِّ الفقيهُ المالكيُّ المشهورُ المتوفَّى سنة ٥٤٣ هـ، والفيلسوفُ ابنُ رشدٍ الحفيدُ المتوفَّى سنة ٥٩٥ هـ، ابن الجوزيِّ الحنبليُّ المتوفَّى سنة ٥٩٧ هـ، وابن قُدامَة الحَنْبَلِيُّ المتوفَّى سنة ٦٢٠ هـ، وسيفُ الدِّينِ الآمديُّ المتوفَّى سنة ٦٣١ هـ، والشيخُ أبو عمرِو بنُ الصَّلاحِ المتوفَّى سنة ٦٤٣ هـ، وغير هؤلاء كثير جدًّا.