للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَائِلُ يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ: لَوْ لَمْ يَدُلَّ، لَكَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ غَيْرَ الشَّرْعِيِّ، وَالشَّرْعِيُّ الصَّحِيحُ؛ كَصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَالصَّلَاةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ.

وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الشَّرْعِيَّ لَيْسَ مَعْنَاهُ الْمُعْتَبَرَ؛ لِقَوْلِهِ : "دَعي الصَّلَاةَ"، وَلِلُزُومِ دُخُولِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ فِي مُسَمَّى الصَّلَاةِ.

قَالُوا: لَوْ كَانَ مُمْتَنِعًا، لَمْ يُمْنَعْ.

[وَ] أُجِيبَ: بِأَنَّ الْمَنْعَ لِلنَّهْيِ، وَبِالنَّقْضِ بِمِثْلِ: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٢١]، وَ"دَعِي الصَّلَاةَ".

قَوْلُهُمْ: نَحْمِلُهُ عَلَى اللُّغَوِيِّ - يُوقِعُهُمْ فِي مُخَالَفَةِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا يُمْنَع، ثُمَّ هُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْحَائِضِ

"وأجيب بالمنع" - منع الملازمة - "لما سبق" مرارًا كما في مسألة التكرار؛ أنه لا تناقض بين الصريح والظاهر.

ولقائل أن يقول: أمّا الدليل فليس في محلّ النزاع؛ لأن النَّهي في الرِّبا لوصفه لا لعينه، ومعنى النهي عن الشيء لعينه ما أسلفناه من انعدام محله، وهذا ليس موجودًا هنا.

وقولهم هنا: "لعينه" المراد به عين الربا الذي هو الزيادة، وهو وصف قائم بذلك البيع، ويحترز به عن النهي [المجاور] (١) "النَّهي عن البيع وقت النداء"؛ فإن ذلك لا يقتضي الفساد عند الأكثرين.

وأما منع المُلَازمة: فقضيّتها أن يكون النّهي ظاهرًا في الفساد، لا صريحًا فيه، وقد صرّح في "المختصر الكبير" في المسألة التي بعده بأن الفَسَاد في المَنْهى لعينه يقتضي الفَسَاد بالصَّراحة، بخلاف المنهي لوصفه.

الشرح: واحتجّ "القائل" بأنه "يدلّ على الصِّحة"، بأنه "لو لم يدلّ" عليها "لكان المنهى عنه غير الشرعي"، "و "الملازمة بيّنة؛ إذ "الشرعي" هو "الصحيح" - أي: الذي يوجد صورته في الخارج على الوجه الشَّرعي المعتبر؛ لأن النهي عما لا يكون لغوًا؛ إذ لا


(١) في ج: للمجاور.

<<  <  ج: ص:  >  >>