للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فأما "مَنْ" (١) فشرطها أن [تكون] (٢) استفهامية، أو شرطية، وهي عامة في أولى العلم، وقد تستعمل في غير أولى العلم للتغليب.

وأما "ما" فهي الاسمية، وهي تفيد العموم إذا كانت معرفة فيما عدا العالمين من الزمان، والمكان، والجماد، والنبات.

وقيل: [تتناول] (٣) أولى العلم أيضًا.

وأما "أي": فهي الاستفهامية أو الشرطية، فإن كانت موصولة، أو صفة، أو حالًا، أو مناداة لم تعم مثل: مررت بأيهم قام، أي: بالذي، ومررت برجل أي رجل؛ بمعنى كامل، ومررت بزيد أي رجل - بالفتح بمعنى كامل أيضًا، ويأيها الرجل، ثم هي لا تختص بأولى العلم، وكذلك "كلّ" "وجميع" "والذي" والتي" "وسائر" "وأين" "وحيث" في المكان، "ومتى" في الزمان.


(١) "مَنْ" وهي موضوعة في الأصل لمن يعقل، ولا إفادة لها للعموم إلا إذا كانت استفهامية، نحو قوله تعالى حكاية عن إبراهيم : ﴿قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا﴾ أو شرطية أو موصولة على رأيْ. ومثلها: "مَنَّان ومنون" وقد تأتي لما لا يعقل، وذلك في موضعين:
الأول: عند معاملته معاملة من يعقل نحو قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ إذ أُرِيدَ بمن لا يخلق هنا: الأصنام، وقد عبَّر عنها بـ"من" التي لا تستعمل إلا فيمن يعقل للمعاملة المذكورة.
الثاني: عند الاختلاط مثل قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ … الآية﴾ فقد عبر فيها عن الذي يمشي على بطنه نحو الحيّات، وعلى الأربع نحو الإبل بـ"من" للاختلاط مع من يعقل في صدر الآية … إذ الدابة تشمل العقلاء وغيرهم، فغلب على الجميع حكم من يعقل؛ لذلك جاء التفصيل كله بـ"من" دليل العموم فيها أنها لو لم تكن للعموم لما حسن من الوكيل إكرام كل من دخل دار موكله حين قوله له: أكرم كل من دخل داري، والثاني باطل، أما الملازمة؛ فلأنها لو لم تكن كذلك، لكانت للخصوص، فيكون إكرام الوكيل للكل إفسادًا لمال موكله، وليس فيه منفعة تعود عليه، وذلك موجب للذم، فلا حسن، وأما بطلان الثاني؛ فلأنه يحسن منه صدور الإكرام للجميع، ومنه (الذين)؛ لأن الياء فيه مشبهة بالياء في جمع السلامة الخاص بمن يعقل.
(٢) في أ: يكون.
(٣) في أ: يتناول.

<<  <  ج: ص:  >  >>