للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحدها: أن مختاره - كما سيظهر من استدلاله - صحّة الاثنين مجازًا، وظاهر هذا أنه لا يصحّ أصلًا فبينهما تَنَافٍ، ولا يمكن حمل قوله هنا: "يصح على أنه أراد الصحة المجازية، وإلا لضاع قوله: وثالثها مجاز.

الثاني: أنه صريح في حكاية مذهب أن بعضهم قال: لا يصح على الاثنين أصلًا، لا بالمجاز ولا بالحقيقة، ولا نعرفه عن أحد.

الثالث: أنه صريح في أن الإمام يصححه لواحد، ثم ظاهره أن المراد بالصحة الحقيقة، ولا يعرف ذلك عن أحد، وإن أراد الصّحة المجازية فقد يقال: كيف يخالف الإمام في هذا مع أن من أنواع المجاز إطلاق الكُلّ وإرادة البعض؟.

واعلم أن النقل عن الإمام فيه نظر، وأنا أحقق ما فيه بعد تعريفك كيفيّة الخلاف في المسألة وسرّها، وإظهار ثمرتها فأقول: اختلف في أقل الجمع، وليس محلّ الخلاف فيما هو المفهوم من لفظ الجمع لغة، وهو ضم شيء إلى شيء؛ فإن ذلك في الاثنين وما زاد بلا خلاف، وإنما هو في اللفظ المُسَمَّى في اللغة بـ"الجمع" مثل: مسلمين وغيره، وليكن محلّ الخلاف أيضًا في جموع القلّة.

أما جموع الكثرة فأقلّها أحد عشر بإجماع النحاة.

والذي ذهب إليه داود، والقاضي، والأستاذ، والغزالي أن أقلّ الجمع اثنان، وعزى إلى مالك، والخليل (١)، وسيبويه، وروى عن عمر، وزيد بن ثابت (٢).


(١) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي، الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن، ولد ١٠٠ هـ من أئمة اللغة والأدب، واضع علم العروض، هو أستاذ سيبويه النحوي، له مؤلفات منها "العين"، ومعاني الحروف، والعروض، والنغم. توفي ١٧٠ هـ. ينظر:
الأعلام ٢/ ٣١٤، إنباه الرواة ١/ ٣٤١، ووفيات الأعيان ١/ ١٧٢.
(٢) زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان - بمعْجمة - ابن عمرو النجّاري المدني، كاتب الوحي، وأحد نجباء الأنصار، شهد بيعة الرضوان، وقرأ على النبيّ وجمع القرآن في عهد الصديق، وولي قسم غنائم اليرموك، له اثنان وتسعون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على خمسة، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بواحد. روى عنه ابن عمر وأنس وسليمان بن يسار وابنه خارجة بن زيد وخلق. قال يحيى بن سعيد: لما مات قال أبو هريرة: مات خير الأمة. توفي سنة خمس وأربعين. وقيل: سنة ثمان. وقيل: سنة إحدى وخمسين. ينظر: ترجمته في =

<<  <  ج: ص:  >  >>