أحدهما: قول الأَصْحاب فيما إِذا قال: "وقفت على أولادي" ونظائره، أنه لا يدخل أولاد الأولاد على الصحيح.
ونظيره: لو أوصى لإِخوة فلان، وكانوا ذكورًا وإِناثًا إِخوة وأخوات.
قال الإِمام في "باب الوصية" من "النهاية": فمذهب أبي حنيفة، وظاهر مذهب الشَّافعي أنه يختصّ بالوصية للإِخوة دون الأخوات.
وقال أبو يوسف ومحمد (١): للجميع.
والثَّاني: قول ابن السَّمعاني في "القَوَاطع": اللَّفظ للواحد يجوز أن يحمل على الحقيقة والمجاز إِذا تساويا في الاستعمال، لكن إِذا عرى عن عرف الاستعمال لم يجز أن يحمل على المجاز إِلَّا أن يقوم الدَّليل على أنه يراد به، وقيام الدلالة على إِرادة المجاز لا ينفى عن اللَّفْظ إِرادة الحقيقة. انتهى.
وقد أفاد حالة أخرى، وهي ما إِذا تساويا في الاستعمال، بأن يكثر المجاز كثرة توازي الحقيقة، فيتساويان فَهْمًا عند الإِطلاق.
وأنا أقول: قد يقول من يجعل الحمل من باب الاحتياط فيما إِذا لم يظهر قصد أنه يحمل عليهما، ولكنه بعيد، وقضيته أنه حيث ورد لفظ ولا قرينة فيه دافعة للمجاز أنه يحمل عليه كما يحمل على الحقيقة.
والحق: أن المجاز مدفوع ما لم تَقُمْ عليه؛ قرينة، أو يكون مشتهرًا شهرة يساوي بها الحقيقة، فهناك يحمل عليه إِما لاحتياط أو لغير ذلك، فإِذن الصور أربع:
(١) محمد بن الحسن بن فرقد، من موالي بني شيبان، أبو عبد الله. ولد بـ "واسط" سنة ١٣١ هـ. إِمام بالفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، وغلب عليه مذهبه وعُرف به، وانتقل إِلى "بغداد" فولاه الرشيد بالقضاء بـ "الرقة" ثم عزله. قال الشَّافعي: "لو أشأ أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت؛ لفصاحته". ونعته الخطيب البغدادي بإِمام أهل الرأي. من كتبه: "المبسوط" و "الجامع الكبير" و"الجامع الصغير" و"الآثار" و"السير" و"الزيادات". توفي في "الري" سنة ١٨٩ هـ. ينظر: البداية والنهاية ١٠/ ٢٠٢، والوفيات ١/ ٤٥٣، ولسان الميزان ٥/ ١٢١، والنجوم الزاهرة ٢/ ١٣٠، وتاريخ بغداد ٢/ ١٧٢، والأعلام ٦/ ٨٠.