قَاضٍ بالتعميم أي: بأن المراد منه "نفي الصفات" المطلوبة منه جميعها، فكذلك فيما نحن فيه يقضى بأنّ المراد منه نفي جميع الأحكام؛ لأن الأصل عدم النقل.
"قلنا": هذا "قياس في العُرْف"؛ فلا يحتج به، أو قد يحصل في عبارة دون عبارة ولا جامع، ولك أن تمنع كون هذا قياسًا، وتقول: بل هو مثال ما نحن فيه.
نعم: لو منع المصنّف العموم في نحو: "ليس للبلد سُلْطَان" لكان متّجهًا.
قلت: وهذان الوَجْهَان ظاهران في أن النزاع جار، وإِن كان بعض الاحتمالات أقرب إِلى نَفْيِ الحقيقة، ولم ينكره المصنّف.
وعندي: أنه متى كان أقرب إِلى نفي الحقيقة تعيّن، سواء أكان أعم من غيره أم لا، إِذا لم يصرف عنه صارف؛ ألا ترى أنا نقدر الصّحة في قوله ﵇: "لا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبيِّتِ الصِّيَامَ" وقوله ﵇: "لا صلاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ (١)"، وننكر على الخصم العدول عنه، وإِنما ننازع فيما إِذا تساوت الاحتمالات، فهل يقدر الكل؟
ونحن نقول: لا نقدّر الكلّ، وليس في الوجهين ما يدفعه.
(١) أخرجه البخاري ٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧ كتاب الأذان: باب وجوب القراءة (٧٥٦) ومسلم ١/ ٢٩٥ كتاب الصلاة: باب وجوب قراءة الفاتحة في كلّ ركعة (٣٤/ ٣٩٤) وأبو داود ١/ ٢١٧ كتاب الصلاة: باب من ترك القراءة في صلاته (٨٢٢) والترمذي ٢/ ٢٥ - ٢٦ كتاب الصلاة: باب ما جاء أنه لا صلاة إِلَّا بفاتحة الكتاب (٢٤٧)، النسائي ٢/ ١٣٧، وابن ماجة في سننه ١/ ٢٧٣ كتاب إِقامة الصلاة: باب القراءة خلف الإِمام (٨٣٧).