للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: لَوْ كَانَ عَامًّا، لَعَمَّ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.

وَأُجِيبَ: بِالْتِزَامِهِ، وَبِالْفَرْقِ بِأَنَّ "أَكَلْتُ" لا يُعْقَلُ إِلَّا بِمَأْكُولٍ؛ بِخَلافِ مَا ذُكِرَ.

قَالُوا: إِنَّ "أَكَلْتُ"، وَ"لا آكُلُ" - مُطْلَقٌ؛ فَلا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِمُخَصِّصٍ؛ لِأَنَّهُ غيْرُهُ.

قُلْنَا: الْمُرَادُ: الْمُقَيَّدُ الْمُطَابِقُ لِلْمُطْلَقِ، لاِسْتِحَالَةِ وُجُودِ الْكُلِّيِّ فِي الْخَارجِ؛ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ بِالْمُقَيَّدِ.

والتخصيص يمنع قوله للتخصيص باللَّفظ والنية، ولا يفرق بين ذكر المصدر والمفعول به، وعدم ذكرهما لكان مذهبًا قويًا.

ولكنه يقول: إِنه يقبل التخصيص باللَّفظ دون النّية.

قال: لأن النّية [ضعيفة، فلا تؤثر إِلَّا في ملفوظ، ولو عكس لكان أقرب؛ فإِن الملفوظ أقوى] (١) من المسكوت، ولكنه ناقض؛ إِذ جعله عامًّا حيث قال: إِنه يقبل التخصيص باللَّفظ غير عام، إِذ قال: إِنه لا يقبله بالنّية، ولا عهد بمثل هذا في اللسان.

وقال: إِنه عند ذكر المفعول به، أو المصدر يعم، ويقبل التخصيص زاعمًا أن الفعل إِذا تجرّد فالمصدر غير مذكور، وهذا خارج أيضًا عن اللسان؛ فإِن الفعل يدلّ على الحدث بالتضمن.

وإِذا عرفت مذهب أبي حنيفة، وأنه لا يمنع التخصيص مطلقًا، وإِنما يمنعه بالنّية، وضح لك أن ردّ القرافي عليه بمثل قوله تعالى: ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ [سورة يوسف: الآية ٦٦] غير سديد، وإِنما ذكر المصنّف مثالين: "لا أكلت" و"إِن أكلت"؛ ليبين أنه لا فرق بين النكرة في سياق النفي والشرط.

وقد قال إِمام الحرمين (٢): إِنها عامّة في سياق الشرط كالنفي، وفيه بحث يطول.

"لنا" على العموم "أن" "لا آكل"، لنفي حقيقة الأكل بالنسبة إِلى كلّ مَأكول"، ولذلك يحنث عند الإِطلاق بأي مأكول أكله، "وهو [معنى] (٣) العموم، فيجب قبوله للتخصيص".

ولقائل أن يقول: لا نسلّم أنه نفي لحقيقة الأكل بالنسبة إِلى كلّ مأكول.

الشرح: والخصوم "قالوا: لو كان" الفعل "عامًّا" بالنسبة إِلى مفعولاته "لعمَّ في"


(١) سقط في ب.
(٢) ينظر: البرهان (١/ ٣٣٧).
(٣) في ب: يعني.

<<  <  ج: ص:  >  >>