للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا دُخُولُ أُمَّتِهِ، فَبِدَلِيل خَارِجِيٍّ؛ مِنْ قَوْلٍ، مِثْلُ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أصَلِّي"، وَ: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " - أَوْ قَرِينَةٍ؛ كَوُقُوعِهِ بَعْدَ إجْمَالٍ، أَوْ إِطْلاقٍ، أَوْ عُمُومٍ، أَوْ بِقَوْلهِ: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ" [سورة الأحزاب: الآية ٢١]- أَوْ بِالقِيَاسِ.

فقد استعملت عائشة "كان يفعل " من غير تكرار؛ لأن "خيبر" كانت سنة سبع، وعبد الله بن رَوَاحَةَ قتل سنة ثمان، وعدم دلالتها على التَّكرار وضعًا وعرفًا هو ظاهر إيراد الإمام الرَّازي، ولعلّ المصنّف لا يدعي أن دلالتها عليه بالوَضْعِ، بل بالعرف، ولا شك أن الفهم يتبادر إليه حيث ورد مثل هذا اللَّفظ لا يكاد يختلج فيه، بل قد يتبادر منه، وإن تعقّبه لفظ الشرط والجزاء الذي لو جُرِّد عن "كان" لم يشهد بأصل الوقوع البتة، كما في قول عائشة : "كان رسول الله إذا اعْتَكفَ يدني إليَّ رأسه فأُرَجِّلُهُ" (١).

وقول حذيفة: كان النبي إذا قام يَشُوصُ فَاهُ بُالسواك (٢).

واعلم أن هذه المسألة، وهي دلالة "كان" على التكّرار غير مسألة دلالتها على الانقطاع الذي ادّعاه شيخنا أبو حَيّان، وأنكره ابن مالك؛ فإنه لا يلزم من التكرار عدم الانقطاع، فقد يتكرر الشيء ثم ينقطع.

نعم، يلزم من عدم الانقطاع التَّكرار، ولكن لا قائل بدلالتها على عدم الانقطاع، بل القائل قائلان:

قائل بأنها كسائر الأفعال لا دلالة لها على الانقطاع بإثبات ولا نفي، وهو اختيار ابن مالك.

وقائل: إنها تدلّ على الانقطاع، وهو رأي شيخنا.

الشرح: "وأما دخول أمته" تحت هذه الأحكام، "فبدليل خارجي" دالّ على


= أخرجه البيهقي (٦/ ١٦٣)، وأحمد (٣/ ٣٦٧)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٣١٧) من طريق أبى الزبير عنه.
(١) أخرجه البخاري (٤/ ٣٢٠، ٣٢١)، كتاب الاعتكاف: باب الحائض ترجل رأس المعتكف رقم (٢٠٢٨)، وباب لا يدخل البيت إلا لحاجة رقم (٢٠٢٩)، وأطرافه في (٢٠٣٣، ٢٠٣٤، ٢٠٤١، ٢٠٤٥)، ومسلم (١/ ٢٤٤)، كتاب الحيض: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، وطهارة سؤرها والارتكاء في حجرها والقراءة فيه رقم (٦/ ٢٩٧) واللفظ له.
(٢) أخرجه البخاري ١/ ٤٢٤، كتاب الوضوء: باب السواك (٢٤٥)، وفي ٢/ ٤٣٥ كتاب الجمعة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>