وظنّ بعضهم أن هذا الخلاف يبنى على أن المفهوم هل له عموم؟.
وهو وهم؛ فإن هذا الخلاف إنَّمَا هو في تحقيق مقتضى المفهوم، وهل هو نفي الزكاة عن كلّ معلوفة؟ أو عن معلوفة الغنم خاصّة؟ وأيًا ما كان فهو شامل لما هو مقتضاه.
وذكر شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد أن اختلاف أصحابنا في الماء النجس، إذا كُوثِرَ بماء ولم يبلغ قلّتين هل يطهر؟ -
ينبني على ذلك.
فإن قلنا: له عموم، لم يطهر، وهو الصحيح والأظهر، ووجه البناء أن قوله ﵇:"إذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ"(١) دالّ بمفهومه على أنّ ما دون القُلَّتين ينجس بملاقاة النجاسة سواء أتغير أم لم يتغير، كوثر ولم يبلغهما أم لم يكاثر.
وإن قلنا: لا عموم للمفهوم لم يقتض الحديث النَّجَاسة في هذه الصورة، ولذلك الماء القليل الجاري إذا وقعت فيه نجاسة ولم يتغير، فإنه على قولين:
الجديدة ينجس، والقديم: لا ينجس، ينبني على ما ذكر.
قلت: ولا يخفى أن هذا البناء إنما يصحّ لو كان القائل بأنه لا عموم له لا يثبت حكمه في جميع الصور، وليس كذلك كما عرفت.
"مسألة"
الشرح:"قالت الحنفية: مثل" ما روى الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي من
(١) أخرجه أبو داود ١/ ١٧، في الطهارة: باب ما ينجس الماء (٦٣)، والترمذي في الطهارة ١/ ٩٧: باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء (٦٧)، وابن ماجه ١/ ١٧٢، في الطهارة: باب مقدار الماء الذي لا ينجس (٥١٧)، والنسائي ١/ ٤٦ في الطهارة: باب التوقيت في الماء.