للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: خُصَّ الثَّانِي بِالدَّلِيلِ.

قررها هكذا لبادر إلى منع بطلان التالي.

وسبب وهم مَنْ بَيَّنَ بطلانه هكذا أنه توهم أن ابن الحاجب جرى مع الحنفية جريًا تامًا حتى في قَتْلِ المسلم بالكافر، وليس كذلك، وقوله: إلا بدليل عند قوله: "فيقتضي العموم" [قيد] (١) جاء به لذلك.

وأما ثانيًا: فلأنَّا نقول: هب أنه يتكلّم هنا على لسان الحنفيّة، و [نحن] (٢) نقول ذلك، ولكن لِمَ قلتم: إنه يجب أن يكون الأول للحربي فقط؟ ولم لا يكون الأوّل عامًّا؟ ولو خليناه وعمومه لما قتلنا المسلم بالكافر، لكن عارضنا دليل خاصّ كما أشرنا إليه في صدر المسألة.

الشرح: إذا فهمت هذا قال المصنف في الجواب:

"قلنا: خص الثاني بالدليل"، ويمكن تقديره بوجهين:

أحدهما: وبه يصير جوابًا عن الدليلين، سبيله أن يمنع الملازمة فيه، فيقال: لا نسلم أنه لو ثبت وجوب تقدير الأول لكان "بكافر" الأول للحربي فقط.

قولكم: لأن الثاني هو "بحربي".

فلنا: لا نسلم، بل هو "بكافر"، وهو عام ثَم خصّ بالدليل، ولا يلزم من تخصيصه بالدليل تخصيص الأول، وهذا جارٍ على معتقد المصنف من أن المسلم لا يقتل بالكافر، ولو كان حنفيًّا لم يحتج إلى هذا، كما عرفت، وكان يقول كل منهما: معناه بحربي، وذلك مما ينفعنا نقضًا طائلًا.

وجاز أيضًا على معتقده من أنه لا يلزم من تخصيص المعطوف تخصيص المعطوف عليه كما سنذكره إن شاء الله تعالى في مسائل الخُصُوص، وبهذا يفارق الحنفية؛ لأن الغالب على الظَّن أنهم يجعلون تخصيص المعطوف مقتضيًا لتخصيص المعطوف عليه. وسبيله في التالي أن نسلم الملازمة فيه، ونمنع انتفاء التالي، فيقال: لا نسلم أن قوله تعالى:


(١) في أ، ج: قيل.
(٢) سقط في أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>