للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولم أعلم مخالفًا ممّن حفظت عنه من أهل العلم في أن عدّة الأَمةِ نصف عدّة الحُرَّة مما له نصف معلوم، وما لا كالحيض عدّتها فيه أقرب الأَشياء من النصف، وهو تمام حَيْضَتَيْنِ. هذا مختصر كلام الشَّافعي في باب عدّة الأمةِ في كتاب "الأم".

وقد يؤخذ منه أنه في غير أماكن الضَّرورة لا يدخل العَبْدُ في إطلاق لفظ "الناس" و"المؤمنين" ونحوهما.

وأن مذهبه التفصيل بين أماكن الضرورة وغيرها، [فلا] (١) يقال: هذا في الألفاظ المطلقة دون العامة كقوله :"قد جاء القرآن بأحكام مطلقة؛ لأن مراده بـ "المطلقة" العامة، [والآيات] (٢) التي أوردها كلها عامة.

والذي عندي في هذا أن الشافعي لا ينكر دخول العبيد لغةً في لفظ "الناس" و "المؤمنين"، وكيف ذلك وهو من مَشْيخة قريش وفُرْسان البلاغة، ولكنه يدعي أنه استقرأ الآيات الواردة عامة، فوجد الأمة فيما عدا أماكن الضرورة يخصّ بها العبيد، ولذلك قال في كل موضع أورده: "فلم يختلف أحد لقيت"، كما رأيت فتبين أن مراده الاستقراء [به] (٣) عن [صيغ] (٤) الأمة لا مدلول اللفظ لغة، وهذه فائدة وراء ما تكلم فيه أهل الأصول، فإنهم إنما تكلّموا في مدلول اللفظ لغة، والشافعي يوافقهم، ولكنه يقول: إنَّ الاستقراء دلَّ على أن العبيد غير مراد باللَّفظ فيما عدا الضرورات.

فإن قلت: وما الضرورات؟

قلت: كأنه يشير إلى ما لا يفترق فيه الحرّ والعبد، كالإيمان، والصلاة، والصوم؛ فإن هذه أمور ليس يعقل في العبيد معنى يخرجهم عنها، فيدخلون في: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢١] ونحوها؛ إذ الرق لا يقتضي الخروج من هذا الخلاف: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [سورة البقرة: الآية ٤٣]؛ فإنها تختص بذوي الأموال. ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [سورة آل عمران: الآية ٩٧] إلى غير ذلك من الآي.


(١) في أ: ولا.
(٢) في ب: والإناث.
(٣) سقط في أ، ب، ج.
(٤) في أ، ج: صنيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>