للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"لنا: ما تقدّم" من أن الخطاب عام؛ فلا يخرج فرد من أفراده عنه إلا بدليل.

"وأيضًا" فالعمومُ الصَّحابةُ قد "فهموه؛ لأنه إذا كان لم يفعل سألوه" عن السبب، "فيذكر موجب التخصيص"، فلولا دخوله تحت الخِطَابِ لم يحسن السؤال، ولم يُجِبْ بالتخصيص، بل بأن: لم أدخل.

[ولمن] (١) فصل أن يقول: لا نسلِّمُ عموم الخطاب، ولا فهمهم العُمُوم في حالة النزاع، وهي ما إذا كان في اللفظ "قل"، والمنقول من ذلك أنه أمرهم بفسخ الحَجّ إلى العمرة، ولم يفسخ.

قالوا: أتأمرنا بالفسخ ولم تفسخ؟! فاعتذر بأنه قلّد الهدي، ولا دليل فيه؛ فإن ذلك قد يكون [لغة] (٢) التسوية، أو أنه خطاب مُشَافهة، والأمر غير داخل فيه، وتعليلهم بقول: "أتأمرنا" مع عدم تعرضهم لعموم الأمر يشعر بذلك إشعارًا ظاهرًا.

"قالوا" أولًا: لا يدخل تحت الخطاب، "وإلَّا، يلزم أن "يكون آمرًا مأمورًا مبلِّغًا مبلَّغًا بخطاب واحد"، وهو محال؛ لأن الآمر طالب، والمأمور مطلوب منه، والمبلِّغ مؤدّ، والمبلَّغ مؤدى إليه، وقد وقع الاتفاق على أن أمر الإنسان لنفسه على الخصوص ممتنع، فكذلك على العموم، "ولأن الأمر للأعلى ممن دونه" كذا بخطّ المصنف، ثم أصلحت: لمن دونه.

إن الأمر يشترط فيه علو المرتبة، فيكون الأمر من العالي لمن دونه، فلا بد من مغايرة الآمر والمأمور، وإلَّا يلزم اجتماع كونه أعلى وأدنى، وهو محال.

"قلنا: الآمر الله، والمبلِّغ جبريل"، فلا يلزم أن يكون آمرًا مأمورًا حتى يمتنع؛ لامتناع أمر الإنسان نفسه، ولاستحالة اجتماع العلو وضده، ولا أن يكون مبلِّغًا ومبلَّغًا.


= النهاية: كان الحليمي رجلًا عظيم القدر، لا يحيط بكنه علمه إلا غواص. ولد سنة ٣٣٨ هـ ومن تصانيفه: "شعب الإيمان" و"آيات الساعة" و "أصول القيامة" وغيرها. وتوفي سنة ٤٠٣ هـ. وينظر: شذرات الذهب ٣/ ١٦٧، وفيات الأعيان ١/ ٤٠٣، والمنتظم ٧/ ٢٦٤، وتذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٣٠، والأعلام ٢/ ٢٥٣، ابن قاضي شهبة ١/ ١٧٨، والبداية والنهاية ١١/ ٣٤٩.
(١) في ب: ولمَّ.
(٢) في أ، ج: كفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>