للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنَا لَوْ صَحَّ، لَمْ يَقُلْ : "فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ" مُعَيَّنًا؛ [لـ] أَنَّ الاِسْتِثْنَاءَ أَسْهَل، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الإِقْرَارَاتِ وَالطَّلاقُ وَالْعِتْق، وَأَيْضًا: فَإنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَلَّا يُعْلَمَ صِدْقٌ وَلا كَذِبٌ.

قَالُوا: قَالَ : "وَالله، لأَغْزُوَن قُرَيشًا"، ثُمَّ سَكَتَ.

"وعن ابن عباس: يصح وإن طال" أَمَدُ الانفصال، "شهرًا وقيل: سنة، وهو الأشهر عنه.

وقيل: أبدًا، وهي روايات شاذّة لم تثبت عنه.

وعن سعيد بن جُبَيرٍ: أربعة أشهر.

وقيل: إن مراد هؤلاء الأئمة على تقدير صحّة المنقول عنهم استحباب قول: إن شاء الله تبركًا؛ ولقوله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [سورة الكهف: الآية ٢٤]، ولم يريدوا به حلّ اليمين ومنع الحنث، ولا الاستثناء بـ "إلّا" وأخواتها.

"وقيل: يجوز" تأخير الاستثناء، لكن "بالنية كغيره" من تخصيصات العموم؛ إذ جاز انفصالها لفظًا مع اقتران النِّية باللفظ العام، "وحمل عليه مذهب ابن عباس؛ لِقُرْبه".

"وقيل: يصح" الاستثناء المنفصل "في القرآن خاصة"؛ لأنه كالكلمة الواحدة، وهو ضعيف؛ فإنّ الكلام القديم صفة ذاتٍ يستحيل فيه التقديم والتأخير، والاتصال والانفصال، والكلام هنا إنما هو في الألفاظ المبتدعة.

الشرح: "لنا: لو صحَّ الاستثناء المنفصل "لم يقل ": "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا "فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" (١).

"معينًا" بل كان يقول: فليستثن أو يفعل؛ "لأن الاستثناء أسهل" من التكفير، لكنه قال ذلك معينًا.

[قلت] (٢): في "صحيح مسلم" وغيره بهذا اللَّفظ، ومعناه في "الصحيحين".

ونظيره: ما حكى أن أبا إسحاق المَرْوَزِيّ أراد الخروج من "بغداد" مرة، فاجتاز في بعض سككها برجل على رأسه باقلَاء وهو يقول لآخر معه: لو صح مذهب ابن عباس لما


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٧٨، كتاب النذور: باب ما تجب فيه الكفارة من الأيمان (١١)، ومسلْم ٣/ ١٢٧٢، كتاب الأيمان: باب ندب من حلف (١٢/ ١٦٥٠).
(٢) في أ، ج: ثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>