للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: لَوْ كَانَ ظَنِّيًّا، لَبَيَّنَهُ.

قُلْنَا: وَلَوْ كانَ قَطْعِيًّا، لَبَيَّنَهُ.

وَأَيْضًا: لَمْ يَخْفَ عَنْ غَيْرِهِ.

وَأَيْضًا: لَمْ يَجُزْ لِصَحَابِيٍّ مُخَالَفَتُه، وَهُوَ اتِّفَاقٌ.

العموم الذي رواه ولو كان صحابيًّا؛ "خلافا للحنفيّة والحنابلة" فيهما، ثم مأخذهم في الصَّحابي أن قوله حجّة، وفي الراوي إذا لم يكن صحابَيًّا أنه أعرف بمخرج ما رواه من غيره.

ومذهبنا: أن نقول: الصَّحابي ليس بحجّة، وعلى القول بأنه حجّة - وهو القديم - اختلف أصحابنا في تخصيص العموم به على وجهين.

أحدهما: الجواز؛ لأنه حجّه شرعية.

والثاني: المنع؛ لأنه محجوج بالعموم، وقد كانت الصّحابة يتركون أقوالهم إذا سمعوا العموم.

قال ابن عمر: "كنا نُخَابِرُ أربعين سَنَةً حتى روى لنا رافع بن خديج أن النبي نهى عن المُخَابَرَةِ، فتركناها".

"لنا": أن العموم حجّة، وقول الصحابي "ليس بحجّة"، فلا تخصيص.

"قالوا" خلافه "يستلزم دليلًا، وَإلَّا كان فاسقًا، فيجب الجمع" بين [العام] (١) والدليل الذي خالف من أجله.

"قلنا": أما أن خلافه "يستلزم دليلًا" فحقّ، ولكن "في ظنه" لا في نفس الأمر، وإذا كان كذلك، "فلا يجوز لغيره اتباعه"؛ لأن المجتهد لا يقلد مجتهدًا.

الشرح: "قالوا" دَفْعًا لهذا الجواب: إن الَّذي خالف من أجله قطعي؛ إذ "لو كان ظنيًّا لبينه"؛ لينظر فيه غيره، ولتندفع التُّهْمَة.

"قلنا" أولًا. هذا معارض بمثله، فنقول: "ولو كان قَطْعيًّا لبيّنه" دفعًا للتُّهمة، وليصير غيره إليه، "وأيضًا": لو كان قطعيًّا "لم يَخْفَ عن غيره" من الصحابة عادة، "وأيضًا: لم يَجُزْ


(١) في ب: العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>