وَأُجيبَ: بِأَنَّ "مَا": لِمَا لا يَعْقِل، وَنُزُولُ "إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ" [سورة الأنبياء: الآية ١٠١] زِيَادَةُ بيَانٍ لِجَهْلِ المُعْتَرِضِ مَعَ كَوْنِهِ خَبَرًا.
وَاسْتُدِلَّ: بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُمْتَنِعًا، لَكَانَ لِذَاتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِضَرُورَةٍ أَوْ نَظَرٍ، وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ.
وَعُورِضَ: لَوْ كَانَ جَائِزًا … إِلَى آخِرِهِ.
الشرح: "وأجيب": "بأن" الاعتراض لم يكن متوجهًا، فإِن ""ما" لما لا يعقل" فكيف ينتقض بالمسيح والملائكة؟.
"ونزول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ" … ﴾ ليس مخصصًا لذلك العموم حتَّى يقال: إِنه بيان، بل هو "زيادة لبيان جهل المعترض".
وهذا كلّه "مع كونه خبرًا" والنزاع إِنما هو في التكاليف الَّتي يحتاج إِلى معرفتها للعمل بها.
ولذلك عقدنا المسألة في التأخير إِلى وقت الحاجة أي: وقت توجّه الطلب التكليفي.
هذا تقرير قوله: "مع كونه خبرًا" فاعتمده.
ولقائل أن يقول: من يعقل يدخل مع مَنْ لا يعقل تغليبًا، ولو سلم عدم الدُّخول؛ فقد نقض ابن الزبعري لمن لا يعقل أيضًا، وكان من أهل اللسان.
وما يذكر أنه ﵇ قال له: "مَا أَجْهَلَكَ بِلُغَةِ قَوْمِكَ" فشيء لا يعرف.
وقد أسلم ابن الزبعري بعد ذاك، وحسن إِسلامه، وكان من جلّة الصحابة. والنزاع يطرق الأخبار كما يطرق التكاليف على ما مَرّ في حكاية المذاهب، وإِن اختص عقد المسألة بالتكاليف.
"واستدلّ" أيضًا: "بأنه" أي التأخير "لو كان ممتنعًا، لكان إِما لذاته، أو لغيره".
وعلى التقديرين فإِما أن يعلم ذلك "بضرورة أو نظر، وهما منتفيان".
أما الضَّرورة، فواضح، كيف والخلاف قائم، ودعواها مع قيام الخلاف غير مسموع؟.
وأما النظر؛ فلأنه لو امتنع لامتنع لجهل مراد المتكلم من كلامه؛ لعلمنا أنه لا يحصل بالبيان إِلا ارتفاع ذلك.