للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإِن جررتَ "الموجود" كان صفة للمخصص، يعني: أن المخصص إِذا كان موجودًا جاز تأخير إِسماعه.

ويشهد [للجَرّ] (١) قوله: أقرب من تأخيره مع العدم.

فإِن قلت: لو نَصَبْنَا لم يكن فيه دلالة على أن الكلام في مخصص موجود الذي هو موضوع المسألة؛ بدليل قوله: أقرب من تأخيره مع العدم، وبدليل أن غير الموجود هو المسألة المخرج عليها، وقد سبقت.

قلت: بلى فيه دلالة من لفظ الإِسْماع؛ فإِنه لا يصحّ إِلَّا فيما يصحّ سماعه وهو الموجود؛ لأنَّ الذي يصح أن يسمع لا يكون معدومًا.

"لنا: أنه أقرب من تأخيره مع العدم" أي: أنا قد بَيّنا جواز تأخيره المخصص عن الخطاب، إِذا كان سميعًا، مع أن عدم سماعه لعدمه في نفسه [أتم] (٢) من عدم سماعه مع وجوده في نفسه، فإِذا جاز تأخير المخصّص مع عدمه في نفسه، فجواز تأخير إِسماعه مع وجوده أولى. كذا ذكره الآمدي، فتبعه المصنّف.

وأنت تعلم أنه بعد تسليم المنع لا يتوجّه، وغايته أن يقال: منع هذا أبعد من منع ذلك، ولكنهما في البعد مشتركان، فالأولى الاقتصار على الاستدلال بالوقوع.

وإِليه أشار بقوله: "وأيضًا: فإِن فاطمة سمعت: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [سورة النساء: الآية ١١] " .... ، "ولم تسمع" ما قدمناه في أول العموم من قوله : ""نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ" لا نُورَثُ" إِلى أن روى لها بعد حين. "و" الصحابة "سمعوا قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [سورة التوبة: الآية ٥]، ولم يسمع الأكثر" منهم المخصص للمجوس، وهو ما رواه الشَّافعي في "مسنده" من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف؟.

فقال له عبد الرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله يقول: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ" فدلّ أن بعض المكلفين لم يسمع المخصص "إِلَّا بعد حين".


(١) في أ: للحر.
(٢) في أ، ت: تم.

<<  <  ج: ص:  >  >>