للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاستطاعة بالزَّاد والرَّاحلة، ولم يتعرّض للسلامة في الطَّريق وطلب الخِفَارة [إِلَّا] (١) بعد حين.

"قالوا: يوهم الوجوب في الباقي"؛ لأنَّ المخاطب قصد بيان ما أشكل، فاقتضى الحال إِكمال ما أشكل، فإِن لم يكمل كان موهمًا، "وهو تجهيل".

"قلنا": الإِيهام إِنما يكون في العام دون المُجْمل، والذي لا يفهم منه شيء، "وإِذا جاز" في العام "إِيهام الجميع"، بسبب تأخير إِسماع الكُلّ، "فبعضه أولى".

ولقائل أن يقول: العام ما لم يدخله التَّخصيص، فغلبة الظَّن قائمة بأنه سيوجد المخصّص؛ إِذ الغالب أن كلّ عام مخصوص، ولذلك لا يجوز عند المصنّف وغيره العمل به قبل البحث.

وأما إِذا دخله فيغلب على الظَّن العكس، فكان الإِيهام بعد تطرف التَّخصيص أكثر، فلا يستويان فائدة، ثم يقتضي التشريك، في الحكم والترتيب والمُهْلة.

فقد يقال: قوله: "الذمى، ثم العَبْد، ثم المرأة" يقتضى تأخر العَبْد عن الذِّمِّي والمرأة عن العبد لما ذكرناه، وذلك مستدعي نقل التَّاريخ فيه، ولا نحفظه.

ثم قوله: "بتدريج" غير محتاج إِليه مع لفظة "ثم".

ويمكن الجواب: بأن الترتيب في "ثم" قد يتخلف، كما ذهب إِليه بعض النُّحاة؛ مُحتَجًّا بقوله تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [سورة الزمر: الآية ٦] [وقوله: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ] (٢) وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ﴾ [سورة السجدة: الآية ٧ - ٩].

وقولِ الشاعر: [الخفيف]

إِنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوهُ … ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهُ (٣)


(١) في أ، ت: إِلى.
(٢) سقط في أ، ت، ج.
(٣) البيت من الخفيف وهو لأبي نواس في ديوانه ١/ ٣٥٥، والدرر ٦/ ٩٣، وخزانة الأدب ١١/ ٣٧، ٤٠، ٤١، والجنى الداني ٤٢٨، ورصف المباني ١٧٤، ومغنى اللبيب ١/ ١١٧، وجواهر الأدب ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>