للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: لَوِ اشْتُرِطَ لَبَطَلَ الْعَمَلُ بِالأَكْثَرِ.

قَالُوا: مَا كَثُرَ الْبَحْثُ فِيهِ تُفِيدُ الْعَادَةُ الْقَطْعَ، وَإِلَّا فَبَحْثُ الْمُجْتَهِدِ يُفِيدُه، لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ لاطَّلعَ عَلَيْهِ.

[وَمُنِعَا]، وَأُسْنِدَ بأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ مَا يَرْجِعُ بِهِ.

والثَّاني: أنه لا يشترط القَطْع، واستدلّ له فقال:

"لنا": "لو اشترط، لبطل العمل بالأكثر"؛ لعدم القَطْع بانتفاء مخصّصها.

وأنا أقول: لعلّ القاضي يمنع بُطْلان التالي؛ فهو لا يقيم للعمومات وَزْنًا.

"قالوا" يعنى القاضي ومتابعيه: "ما كثر البحث فيه" من المسائل بين النّظار، ولم يوجد له مخصص، "تفيد العادة القطع" بانتفاء المخصّص.

"وإِلَّا" أي: وما لم يكثر فيه بحث النظار "فبحث المجتهد" وحده مع عدم اطلاعه على المخصص "يفيده" القطع؛ "لأنه لو أريد" التَّخْصيص "لا طَلع عليه"؛ لأن الله - تعالى - ينصب على ذلك أمارة، وإِلَّا كان تكليفًا بما لا يُطَاقُ.

"ومنعا" أي الدليلان المذكوران، "وأسند" المنع فيهما، "بأنه قد يجد" المجتهد بعد الحكم بالعموم من المخصصات "ما يرجع به"، وهذا يقع للمجتهدين كثيرًا، فدلّ أنه كانت أمارة ولم يجدها، وهو واضح.

واعلم أن دعوى الإِجْمَاع على أنه لا بد من البَحْثِ ممنوعة؛ فالمسألة مشهورة بالخلاف بين أئمتنا، حكاه الأستاذ أبو إِسحاق الإِسفراييني، والشيخ أبو الحسن الخلاني، والشيخ أبو إِسحاق الشِّيرَازي، ومن يطول تَعْدَاده، وعليه جرى الإِمام الرازي وأتباعه.

والذي عليه الصَّيْرفي أنه يجب اعتقاد العموم في الحال والعمل بمقتضاه كما نقله من ذكرناه.

واقتصر القاضي أبو الطيب، وإِمام الحرمين، وابن السمعاني، فنقلوا عن الصيرفي وجوب اعتقاد العموم في الحال، ولم يذكروا عنه وجوب العمل، وما سكتوا عنه قد صرح به من ذكرناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>