والثَّاني: التَّسْوية في مقْدارٍ مثل: قِسْتُ النَّعْل بالنَّعْل، سواءٌ كانَتِ التسويةُ حسِّيَّةً؛ كالمثالَيْن السابقَيْن، أم معنويةً؛ كما يقال: فلانٌ لا يُقَاسُ بفلان، أي: لا يساويه ومنْه قول الشاعر: [البسيط]
ووجه نقل القياس على هذا القولِ إلى المعْنى الاصطلاحي ظاهر؛ كما أن نقْلَه إلى المعنى الاصطلاحي؛ على القول بالاشتراك اللفظيِّ: إنما هو من معنى المساواة، كما هو واضح. ويرَى فريقٌ آخَرُ أن معناه الاعتبار، كما نصَّ على ذلك الزركَشِيُّ في "البحر المحيط" بعد أن حكى أن المشْهُور في معنى القياس لغةً: هو تقدير شيْءٍ على مثال شيْءٍ آخرَ، وتسويتُه به، وفي هذا يقول: وقيل: القياسُ مصدرُ قِسْتُ الشيْء، إذا اعتبرتَه، ومنه قَيْسُ الرأْي، وامْرُؤُ القَيْسِ؛ لاعتبار الأمور برأْيه، وقُسْتُه، بضم القاف، أَقُوسُه قَوْسًا، ذكر هذه اللُّغةَ الجوهريُّ في "صِحَاحِهِ"، فهذه الصيغة من ذوات الياء والواو.
وفي "البرهان": القياس في اللغة: التمثيلُ والتَّشْبيه.
وقال الماوَرْدِيُّ في "الحاوي" والرُّويانيُّ في كتاب "القَضَاء": "القياسُ في اللُّغة، مأخوذٌ من المماثلة؛ يقال: هذا قياسُ هذا، أي: مثله".
ويرى ابن السَّمْعَانِيِّ في "القواطع" أن القياسَ مأخوذٌ من الإصابة؛ يقال: قسْتُ الشيْءَ، إذا أصبته؛ لأن القياس يصاب به الحُكْم.
قال الشيخُ محمَّد أحمد سلامة في رسالته في القياس: "وخُلاصةُ ما يُؤْخَذ من كتب الأصول من بيان معْنَى القياس لغةً سبعةُ معانٍ:
الأوَّلُ: أن معناه التقدير، والمساواةُ من لوازمه.
الثاني: أن معناه التقديرُ والمساواةُ والمجموعُ منْهما؛ على سبيل الاشتراك اللفظي بين الثلاثة.
الثالث: أن معناه التقدير فقط، وهو كُلِّيٌ تحْتَه فرْدَان؛ استعلامُ الْقَدر والتسوية، فهو مشترك اشتراكًا مَعْنَوِيًا.