والصواب: أن هذا مثال للقسم الثَّاني، وهو ما لا يغير المزيد عليه، بل يكون على حاله، ولا يكون نسخًا عند القاضي عبد الجَبَّار، وهذا مثاله، وقد مثل له الآمدي به، وبزيادة التغريب على الجلد كما أسلفناه في حكاية كلام الآمِدِي عن عبد الجبار.
والظاهر أن المصنّف يتبعه، ولكن العلم استطرد به على وجه الغلط.
وأما زيادة تخيير في ثالث بعد اثنين، وهو المثال الثاني من المثالين، فالنظر فيه من جهة أن المصنّف لم يحك مذهب عبد الجَبَّار على النحو الذي حكاه الآمدي، وذلك أن الآمدي حكى أن عبد الجبار يقول: إن الزيادة إنما تكون نسخًا إذا غيرت المزيد عليه تغييرًا شرعيَّا، ثم ذكر للتغير الشَّرعي صورتين:
إحداهما: أن يصير المزيد عليه وجوده كالعدم، كزيادة ركعة على ركعتين.
والثانية: أن يكون قد خير بين فعلين، فزيد ثالث، فإنه يكون نسخًا، [كتحريم](١) ترك. الفعلين السَّابقين.
مثاله: لو خير أولًا بين الإعتاق والصيام، ثم ضم إليهما الإطعام. هذا مذهب عبد الجَبَّار، كما يظهر من كلام الآمدي، وإن كان نقل الإمام الرازي عنه يساعد نقل المصنف.
والصورة الثانية قسيمة للصورة الأولى، التي يصير وجود المزيد عليه بعد الزيادة لو وجد بمفرده كالعدم.
والمصنّف ظن أنَّ مذهب عبد الجبار أن تغيير المزيد عليه تغييرًا شرعيًّا هو أن يعتبر وجوده كالعدم، وليس كذلك، بل التغيير الشرعي على قسمين كما أوضحناه.
فلو أن المصنّف قال: عبد الجَبَّار: إن غير به حتى صار وجوده كالعدم شرعًا، أو كان مخيرًا بين فعلين فزيد ثالثا، كزيادة ركعة في الفَجْرِ، وتخيير في ثالث بعد اثنين فنسخ، لكان كلامًا صحيحًا جاريًا على منهاج ما نقله الآمدي.