للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

علّة (١) حكمه"، كمساواة النبيذ للخَمْرِ في علَّة التحريم، فالأصل الخمر، والفرع النَّبيذ، والعلَّة الإسكار.

ولقائل أن يقول: القياس فعل القائس، والمساواة نتيجةُ فعله لا نفس فعله. و - أيضًا - لفظ الفرع والأصل يوهم أنّهما وجوديان، والقياس يجري في المَعْدُومين جريانه في الوجوديين، ثم إنا لا نعرف أن هذا فرع وذاك أصل، إلا بكون هذا مقيسًا على ذلك، فإطلاق الفرع عليه. قيل: آيلٌ إلى الدور، فلو قال: حمل معلوم على معلوم لمساواته في علّة حكمه، كان أولى.


= فالمراد بالأصل ما بني عليه غيره، وبالفرع ما بني على غيره، وهما بهذين المعنيين لا يتوقف تصورهما على تصور القياس، وإنما يتوقف على تصور القياس تصورهما بالمعنى الاصطلاحي "أي المقيس والمقيس عليه". وليسا مأخوذين في التعريف بهذا المعنى، فلا دور. ولا يخفى أن ذلك كله لا يدفع توهم الدور، فالأولى عدم استعمالهما في التعريف، فالتعبير بالمحلين أولى.
(١) "والعلة". هي الوصف الذي علم بالنص أو الاستنباط أن الحكم على المحل الآخر كان من أجله، وهل معنى المساواة في العلة وجود مثل علة حكم المحل الآخر في الأول، أو وجود عينها؟ اختلفوا في ذلك:
فذهب العضد وغيره إلى الأول.
وذهب الكمال وغيره إلى الثاني.
"ووجهة القول الأول" أن ثبوت عين علة المحل الآخر في الأول لا يتصور؛ لأن المعنى الشخصي لا يقوم بمحلين، فالإسكار القائم بالخمر لا يتصور أن يقوم بالنبيذ.
"ووجهة القول الثاني" أن علة حكم المحل الآخر لا يراد بها الوصف الجزئي بل الكلي، وهو بعينه ثابت في المحل الأول، فمناط حرمة الخمر الإسكار مطلقًا؛ لأنه المشتمل على المفاسد التي من أجلها حرم الخمر، وليس المناط الإسكار بقيد كونه إسكار خمر؛ لأن المفاسد لا تختص؛ ولأنه لو كان كذلك لكان قاصرًا على الخمر، والوصف القاصر لا يصلح علة للقياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>