وقال أيضًا: العلة عبارة عن موجب الحكم، والموجب: ما جعله الشرع موجبًا، مناسبًا كان أو لم يكن، وهي كالعلل العقلية في الإيجاب، إلا أن إيجابها بجعل الشارع إياها موجبة لا بنفسها، وقال أيضًا: والعلة موجبة، أما العقلية فبذاتها، وأما الشرعية فبجعل الشرع إياها موجبة على معنى إضافة الوجوب إليها، كإضافة وجوب القطع إلى السرقة، وإن كنا نعلم أنه إنما يجب بإيجاب الله تعالى أنه يراد بها المعرف للحكم، والذين صاروا إلى هذا التعريف يجعلونها بهذا المعنى - علمًا - على الحكم، فمتى ما وجد المعنى المعلل به عرف الحكم، حتى إن بعضهم صرّح بكونها كذلك، فقال: "ما جعل علمًا على حكم النص، وعنوا بقولهم: علمًا" الأمارة والعلامة؛ وبهذا تكون العلة: إما على وجوب الحكم في الفرع والأصل معًا، أو علامة على وجوده في الفرع فقط، كما يرى بعض الأصوليين. كما أنهم أيضًا أشاروا إلى أن العلة غير مؤثر حقيقة، بل المؤثر في الحقيقة هو الله تعالى، ويردون بذلك على من يقول: إنها هي المؤثر. وممن ذهب إلى هذا التعريف: الإمام البيضاوي وكثير من علماء الأحناف وبعض فقهاء الحنابلة. والثالث: أن العلة: هي الوصف المؤثر بذاته في الحكم. وبعبارة أخرى: هي الموجب للحكم بذاته بناء على جلب المصالح أو دفع المفاسد التي قصدها الشارع. وهذا التعريف ذكره الأصوليون عن جماهير المعتزلة. قال أبو الحسين البصري في المعتمد: وأما العلة في اصطلاح الفقهاء: فهي ما أثرت حكمًا شرعيًّا، وإنما يكون الحكم شرعيًّا إذا كان مستفادًا من الشرع. ينظر: الصحاح للجوهري: ٥/ ١٧٧٣، وتهذيب اللغة للأزهري ١/ ١٠٥،=