الشرح:"قالوا: الصلاة في الدار المَغْصُوبة تلزم مصلحة ومفسدة تساويها، أو تزيد"؛ لأن المصلحة لا تزيد على المفسدة، وإلا لما حرمت، فيجب مُسَاواة المفسدة، أو زيادتها، فلو انخرمت المُنَاسبة بذلك، لما صحت الصلاة، "وقد صحت".
"قلنا: مفسدة الغَصْب ليست عن الصَّلاة، وبالعكس؛ فإنه لو شغل المكان من غير أن يصلى لأثم، ولو أدَّى الصَّلاة في غير المغصوب لصحت، والكلام إِنما هو في مصلحة ومفسدة لشيء واحد.
والدليل على أنهما معًا لم ينشأَا من شيء واحد: أنه لو فرضناهما ناشئين من نفس الصلاة لوجب ألا تصح قطعًا، كما في صوم يوم العِيدِ، وذلك لتعارض الدَّاعي إلى الأمر بها، والصَّارف عنه، مع المساواة، أو رُجْحَان الصارف، والأمر عند ذلك محال، انخرمت المناسبة أولا، إِذ لا نزاع في بُطْلَان حكمها، وقد أشار إلى هذا بقوله: "ولو نشأا معًا عن الصلاة، لم تصح".
وإذا عرفت أنه لا بد من رُجْحان المصلحة على المفسدة عند تعارضهما، فلا بد من الترجيح، "والترجيح يختلف باختلاف المسائل"، وينشأ من خُصُوصياتها ما لا يحيط بمجموعها، وربّ شيئين يَتَعَارضان في مسائل، ولا يقع التَّرْجيح بينهما، إِلَّا في خصوصيات المَسَائل، كما قيل: لا يطلق تَرْجيح بين القولين: في أن الرَّجْعة هل تقطع الزوجية؟
وأن الإبراء هل هو إسقاط أو تمليك؟
وأن النذر هل يسلك به مسلك واجب الشرع أو جائزه؟، وإنما ينظر في كل فرع بخصوصه.
"ويرجّح" - أيضًا - "بطريق إجمالي" شامل لجميع المسائل، "وهو أنه لو لم يقدر رُجْجان المصلحة" على المفسدة في محلّ النزاع "لزم" أن يكون الحكم ثبت فيه من غير مُرَاعاة مصلحة، وهو "التعبد بالحكم" وذلك على خلاف الأصل.