للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثَّالِثُ]: عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الحُكْمِ؛ مِثَالُهُ فِي الْمُرْتَدِّينَ: مُشْرِكُونَ أَتْلَفُوا مَالًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا ضَمَانَ كالْحَرْبِيِّ، وَدَارُ الْحَرْبِ عِنْدَهُمْ طَرْدِيٌّ، فَيَرْجِعُ إلَى الأَوَّلِ.

آخر "مثاله" أن يقال على لسان الشَّافعية "في" منع "بيع الغائب: مبيع غير مَرْئِيّ، فلا يصح كالطَّير في الهواء" بجامع عدم الرُّؤية؛ "فإِن العجز عن التسليم" في الطير "مستقلّ" بإِثارة الحكم؛ لكونه غير مَرْئي، وإِن ناسب نفي الصِّحة، لا تأثير له هنا.

وحاصله: أنه "معارضة في الأصل" بإبداء علة أخرى، وهي العجز عن التسليم، ولذلك بناه بانون على التعليل بعلتين.

الشرح: "الثالث: عدم التأثير في الحكم" المعلل، وهو ضربان:

أحدهما: ألَّا يكون له تأثير أصلًا، لا في الأصل ولا في الفرع، ولا يفيد المحلل ذكره نفعًا، فيكون ملغى، وعليه اقتصر المصنّف.

ووجه تسميته عدم التأثير في الحكم: أنه لا مدخل له في الحكم، ولا تعلّق له به.

"مثاله" قولهم "في المرتدين: مشركون أتلفوا مالًا في دار الحرب (١)، فلا ضمان" عليهم "كالحربي، ودار الحَرْب - عندهم - طردي"، ولا فائدة في ذكره؛ فإِن من أوجب الضمان أوجبه مطلقًا، ومق نفاه نفاه مطلقًا، سواء أكان في دار الحَرْب أم غيرها، "فيرجع إلى" القسم "الأول"؛ لأنَّه مطالب بتأثير كونه في دار الحَرْبِ.


= ٤/ ١٨٣، ومنهاج العقول للبدخشي ٣/ ١٠٥، ١١٧، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ١٢٩، والتحصيل من المحصول للأرموي ٢/ ٢١٦، والمنخول للغزالي ٤١١، وحاشية البناني ٢/ ٣٠٧ والإبهاج لابن السبكي ٣/ ١١١، والآيات البينات لابن قاسم العبادي ٤/ ١٣٤، وحاشية العطار ٢/ ٣٥٢، والمعتمد لأبي الحسين ٢/ ٢٦١، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى ٢/ ٢٦٥.
(١) هو على خلاف دار الإسلام يعني ما غلب فيها غير المسلمين، قال في النهر: وينبغي أن يكون ما ليس بدار حرب ولا إسلام ملحقًا بدار الحرب، كالبحر الملح؛ لأنَّهُ لا قهر لأحد عليه، وفي رد المحتار: ويلحق بها البحر الملح ونحوه كمفازة ليس وراءها بلاد الإسلام. وفي الدر المختار: لا تصير دار الإسلام دار حرب إلا بأمور ثلاثة: بإجراء أحكام أهل الشرك وباتصالها بدار الحرب وبأن لا يبقى فيها مسلم أو ذميّ آمنًا بالأمان الأولا، ودارُ الحرب تصير دار الإسلام بإجراء أحكام أهل الإسلام فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>