للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بالْمُعَوَّضِ؛ كَالنِّكَاحِ، فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ؛ لأِنَّ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ، قَالَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِم، انْتَفَى الْمَلْزُوم، وَالْحَقُّ أَنَّهُ نَوعُ مُعَارَضَةٍ اشْتَرَكَ فِيهِ الأَصْلُ وَالْجَامِعُ، فكَانَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ.

يذكره المعترض "لتصحيح مذهبه، وقَلْب لإبطال مذهب المستدلّ صريحًا، وقلب" لإبطاله "بالالتزام".

وإن شئت قلت: القلب قسمان:

الأول: لتصحيح مذهب المعترض.

والثاني: لإبطال مذهب المستدلّ، وهو ضربان: ضرب بالصَّراحة، وضرب بالالتزام.

"الأول": القلب لتصحيح مذهب المعترض، وهو ضربان:

أحدهما، وعلى ذكره اقتصر المصنف: ألّا يدل مع ذلك بالصّراحة على بطلان مذهب المستدل، كقول الحنفي: الاعتكاف: "لُبْث" في محلّ مخصوص، "فلا يكون قربة بنفسه، كالوقوف بـ"عرفة"، وغرضه التعرض لاشتراط الصوم فيه، ولكنه لم [يتمكن] (١) من التصريح باشتراطه؛ إذ لو صرح به لم يجد أصلًا، "فيقول الشافعي": لبث في محل مخصوص، "فلا يشترط فيه الصوم، كالوقوف بـ"عرفة".

وثانيها: أن يدل على الأمرين معًا، كقول الشافعي في بيع الفُضُولي: عَقْد في حق الغير بلا ولاية ولا اسْتِنَابَة، فلا يصح كما إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه، فيقول الخصم: عَقْد إلى آخره، وكان صحيحًا، كما إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه.

و"الثاني" كقوله في مَسْحِ الرأس: "عضو وضوء، فلا يكتفي فيه بأقلّ ما ينطلق" عليه اسم المسح، "كغيره" من أعضاء الوضوء، "فيقول الشَّافعي: فلا يتقدر بالرُّبع"، كغيره.

"الثالث": كقوله في بيع الغائب: "عقد مُعَاوضة، فيصح مع الجَهْلِ بالعوض كالنكاح، فيقول الشافعي: فلا يشترط فيه خِيَار الرؤية" كالنكاح، فقد تعرض المعترض لإبطال مذهبه بالالتزام؛ لأنَّهُ أبطل لازم الصحة، وهو خيار الرؤية؛ "لأن من قال" في بيع


(١) في أ، ت: يستمكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>