ولا لعلة، فليس الجمع بينهما أولى من عدم الجمع، وهذا لأن عدم الدليل لا يكون حجّة، وأنت ترى كيف جعل هذا دليلًا للمانعين من الاستصحاب مطلقًا، والآمدي إنما ذكره من جهة المانعين من استصحاب الإجماع فقط، وهو الذي ذكره أصحابنا.
وقالوا: فإن قيل: إن حدوث الحادث لا يغير الأحكام، قيل: يمتنع أن يختلف الشيء بحدوث الحوادث، وإذا كان هذا جائزًا فلا يظن البقاء مع الحدوث، والمصنف قال:"وأجيب" أي عن قول المانعين: لا دليل على الاسْتِصْحَاب، فلا حكم "بأن الحكم" ضربان ابتدائي، ودوامي، والذي يجب نَصْبُ دليل عليه من جهة الشارع هو الابتدائي.
وأما الدَّوامي فإنا نمنع وجوب نَصْب دليل عليه، وحينئذٍ فنقول: الحكم هنا ليس ابتدائيًّا، بل هو "البقاء" بقاء الطَّهَارة، "ويكفي فيه ذلك" أي تقدم الشيء، وعدم المعارض، وهو الاستصحاب، "ولو سلّم فالدليل الاسْتِصْحَاب"، وقولكم: الدليل منحصر في الثلاثة ممنوع؛ فإن ذلك محل النزاع، ولقائل أن يقول: لا بد لكل حكم من دليل ابتدائيًّا كان أو دواميًّا، وقولك:"الاستصحاب" لا يخلصك؛ لأنك تريد أن تبينه أولًا، وهو الآن لم يثبت؛ لأنه محل النزاع كما ذكرت.
الشرح:"قالوا" ثانيًا: "لو كان الأصل" في الشيء "البقاء" على ما كان "لكانت بينة النفي أولى" بالتقديم من بينة الإثبات، "وهو باطل بالإجماع" القائم على أن البينة تقبل من المدعي، وهو المثبت دون النَّافي.
"وأجيب: بأن المثبت يبعد غلطة، فيحصل الظن" بقوله؛ لاطلاعه على سبب أوجب له المخالفة بخلاف الثَّاني، إذ لا يبعد غلطة في ظن الموجود معدومًا على عدم علمه به.
ونظير هذا قول المصنف في زيادة العدد: قلنا: سهو الإنسان بأنه سمع ولم يسمع بعيد، بخلاف سهوه عما سمع؛ فإنه كثير.
ولقائل أن يقول: إذا كان غلط من ينفي قريبًا، فلا يبعد غلطكم إذا استصحبتم النفي لا سيما في صورة استصحاب حال الإجماع.
فيقال مثلًا: الظن الحاصل في مسألة المتطهر قبل خروج الخارج إنما يستمر بعد