القول الثاني: لا يرى الثاني مشروعية القسامة وعدم العمل بها، وهو قول سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وأبي قلابة، وإبراهيم بن علية، والناصر وقتادة ومسلم بن خالد الزنجي. وحجة الجمهور حديث سَهْلٍ بْنِ أَبي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنِ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعَودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقَا لِحَاجَتِهِمَا، فَقُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ، فَانْطَلَقَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمنِ أَخُو المَقْتُولِ وَحَوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرُوا لَهُ قَتْلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ، أَوْ قَاتِلِكُمْ" فَقَالُوا: يَا رسُولَ اللهِ لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَكَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمِ كُفَّارٍ؟! فَزَعَمَ أَنَّ النَّبيَّ ﷺ عَقَلَهُ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ: قَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْني فَرِيضَةٌ مِنْ تِلْكَ الفَرَائِضِ فِي مِرْبَدٍ لَنَا. هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن محمد بن مُثنى، عن عبد الوهَّاب الثقفي، وأخرجه من طُرُقٍ أُخَر عن يحيى بن سعيد. وأخرجه البيهقي وعبد الرزاق عن أبي سعيد بن أبي عمرو عن أبي العباس الأصم عن الربيع بن سليمان عن الشافعي عن سفيان عن منصور عن الشعبي أن عمر بن الخطاب ﵁ كتب في قتيل وجد بين خيوان، ووادعة أن يقاس ما بين القريتين، فإلى أيها كان أقرب أخرج إليهم منهم خمسين رجلًا حتى يوافوه مكة، فأدخلهم الحجر، فاحلفهم ثم قضى عليهم بالدية، فقالوا: ما وقت أموالنا أيماننا، ولا أيماننا أموالنا - قال: عمر ﵁: كذلك الأمر، وفي رواية فقال: حقنت أيمانكم دماءكم، ولا يسل دم رجل مسلم. وقال الحافظ ابن حجر: له شاهد مرفوع من حديث أبي سعيد عن أحمد أن قتيلًا وجد بين حيين، فأمر النبيّ ﷺ أن يقاس إلى أيهما أقرب، فألقى ديته على الأقرب. ولكن سنده ضعيف، وما أخرجه الدارقطني والبيهقي عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب أنه قال: لما حج عمر حجته الأخيرة التي لم يحج غيرها، فورد رجل من المسلمين قتيلًا في بني وادعة، فبعث إليهم عمر في ذلك بعد ما قضي النسك، فقال لهم، هل علمتم لهذا القتيل قاتلًا منكم؟ قال القوم: لا، فاستخرج منهم خمسين شيخًا فأدخلهم الحطيم، فاستحلفهم بالله رب هذا البيت الحرام ورب هذا البلد الحرام، ورب هذا الشهر الحرام، أنكم لم تقتلوه ولا علمتم له قاتلًا، فحلفوا بذلك، فلما حلفوا. قال: أدوا دية مغلظة في أسنان الإبل، أو من الدنانير =