وإن قال: باستدلال سئل عنه أشرعي أم عقلي هو؟ فلا بد من دليل يقيمه، "وأيضًا: الإجماع" واقع "على" أن الثاني مُطَالب بالدليل في "ذلك" مطالبته "في دعوى الوحدانية والقدم، وهو نفي الشريك، ونفي الحدوث"، فبطل السَّلب الكلي، وهو دعواكم أنه لا دليل على النافي مطلقًا، وببطلانه يثبت الإِيجاب الكلي؛ إذ لا قائل بالفصل.
الشرح: واحتج "النافي" للمطالبة بالدليل بأنه "لو لزم" كل من يدعي نفيًا أن يقيم الدليل "للزم منكر مدّعى النبوة، وصلاة سادسة، ومنكر الدعوى"، واللوازم باطلة "أجيب بأن" هذه الصور غير منفكة عن الدليل، وذلك لأن "الدليل يكون استصحابًا" للأصل "مع عدم الرَّافع"، وذلك محقّق في مسألة الدعوى "وقد يكون" الدليل على الانتفاء "انتفاء لازم" من لوازمه؛ لاستلزامه انتفاء المَلْزُوم، وهو متحقق في الصَّلاة السادسة؛ إذ الإشهار من لوازمها عادة، وقد انتفى، وكذلك في دعوى الرِّسَالة؛ إِذ لازمها وجود المعجز عادة، وقد انتفى، والحاصل منع بطلان اللّوازم؛ فإن الثلاثة مطالبون بالدليل، لكنه مقرر معلوم، فلذلك ترك التَّصريح به، "ويستدل بالقياس الشرعي بالمانع، وانتفاء الشَّرْط على النفي، بخلاف من لا يخصص العلة" أي: إذا قلنا: النافي مطالب بالدليل، فالنافي للحكم الشرعي هل يجوز له الاستدلال بالقياس؟ اختلف فيه، والحق أنه إنما يستدل به إذا كان الجامع وجود مانع، أو عدم شرط، لا باعثًا؛ فإن عدم الحكم لا يتعين أن يكون الباعث، بل يكفي فيه عدم الباعث على الحكم، وذلك إِنما يصحّ عند من يجوز تخلّف الحكم عن علّته، ولا يجعله قادحًا في العلّية إِذا كان المانع، أو عدم شرط كما مَرَّ، فهو فرع تخصيص العلة، فجوزه المصنف لجوازه عنذه، ونحن نمنع تخصيص العلّة، فلا نجوزه.