للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الثالث: إنه نظري ولا يعسر تحديده. وقد تكلف له بعض العلماء دليلًا، فقال: أما أنه نظري؛ فلأنه معلوم لا بالضرورة، وكل ما كان كذلك فهو نظري يتج العلم النظري. أما أنه معلوم فهو بديهي. وأما أن معلوميته لا بالضرورة؛ فلما تقدم من بطلان أدلة كونه ضروريًا - وأما الكبرى القائلة - وكل ما كان كذلك - فهي بديهية - لأن كل معلوم فهو إما ضروري أو نظري؛ وحيث كان العلم معلومًا لا بالضرورة، فيجب أن يكون نظريًا.
ولكن هذا الدليل فيه نظر؛ لأنَّهُ لا يلزم من الطعن في أدلة الضرورة أن يثبت كونه نظريًا، بل لا يلزم من بطلان دليلٌ أي دعوى، إثبات نقيضها؛ لجواز ثبوت الدعوى في نفسها، أو ثبوتها بدليل آخر غير مطعون فيه؛ فلم يتم دليلٌ دعوى كون العلم نظريًا.
ولكن بناء على هذا المذهب قد ورد عن القرم تعاريف أنهاها بعضهم إلى العشرين ولكن أكثرها منتقد نورد بعضها:
الأول: وهو لبعض المعتزلة: "العلم اعتقاد الشيء على ما هو به".
الثاني: وهو للقاضي أبي بكر الباقلاني قال: "العلم هو معرفة المعلوم على ما هو به".
الثالث: وهو للشيخ أبي الحسن الأشعري قال. "العلم هو ما يوجب لمن قام به كونه عالمًا" أي هو أمر أو صفة، توجب وتقتضي لمن قامت به كونه عالما؛ أي اتصافه بالعالمية، أو أن يطلق عليه اسم العالم إطلاقًا صحيحًا.
الرابع لابن فُورك قال: "العلم ما يصح ممن قام به إتقان الفعل؛ أي صفة يمكن للموصوف بها أن يُحْكَم ما يصدر عنه من الأفعال ويبعده عن وجوه الخلل. وإنما كان ذلك؛ لأن الفاعل لا يمكنه إحكام فعله، إلا إذا وقف على ما فيه من المصالح والمفاسد، وأحاط بذلك تفصيلًا، فالصفة التي بها الإحاطة، والتي بسببها يمكن للفاعل أن يتحرى المصلحة في فعله ويجانب المفسدة "هي العلم، عند ابن فورك" ومعلوم أن التقليد والظن فضلًا عن الجهل والشك والوهم - لا يتأتى معه إحكام الفعل وإيجاده على الوجه الأكمل".
الخامس: وهو للإمام الرازي - وقد عريه بعد كونه نظريًا قال: "العلم اعتقاد جازم مطابق لموجب"، ومحصل المعنى: أن العلم هو الإدراك الجازم المطابق للواقع الذي استند الجزم به ومطابقته للموجب المقتضي لذلك الاعتقاد بصفته هذه، وذلك المقتضي هو الضرورة أو الدليل.
السادس: للحكماء قالوا: "العلم هو الصورة الحاصلة للشيء في الذهن - كليًا كان أو جزئيًا" وسواء أكان حصول هذه الصورة في العقل، أو في آلاتها، كصور الجزئيات بل الذي ينطبع فيه إنما هو صور الكليات، وأما الجزئيات فإنها تنطبع في الآلة، والآلة هي المشاعر الخمس الباطنة والخمس الظاهرة، فالكل يقال له علم عندهم.
السابع: وقالوا: إنه المختار؛ لسلامته مما ورد على غيره من الاعتراضات، وبراءته من الخلل، وتناوله للتصور والتصديق اليقيني، وهو: العلم صفة توجب لمحلها تمييزًا بين المعاني لا يحتمل =

<<  <  ج: ص:  >  >>