للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُورِدَ عَلَى التَّصَوُّرِ: إِنْ كَانَ حَاصِلًا، فَلَا طَلَبَ، وإلَّا فَلَا شُعُورَ بِهِ، فَلَا طَلَبَ؛ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَشْعُرُ بِهَا وَبِغَيْرِهَا، وَالْمَطلُوبُ تَخْصِيصُ بَعْضِهَا بِالتَّعْيِينِ، وَأُورِدَ ذلِكَ

الشرح: "وأورد على التصور"؛ أنه لا مطلوب منه؛ لأنَّهُ "إن كان حاصلًا، فلا طلب"؛ لئلا يلزم تحصيل الحاصل، "وإلَّا فلا شعور به، فلا طلب"؛ لأن الطلب إنما يتوجه نحو المشعور (١) به (٢).

لا يقال: إنه حاصل من وَجْهٍ دون وجه؛ لأنا نقول: يعود الكلام فيما يُطلب من جهته، فالحاصل في طلبه تحصيل الحاصل وغيره - لا شعور به.

بل الجواب ما أشار إليه (٣) بقوله: "وأجيب بأنه" (٤) يَشْعُرُ بها أي: بمفرداته (٥) التي ذكر أنها تطلب (٦) لتعرف (٧) متميزة، "وبغيرها" (٨) مفضلة، "والمَطْلُوب تخصيص بعضها بالتعيين"؛


(١) في ح: الشعور.
(٢) ورد على التصور أنه لا مطلوب منه؛ لأنَّهُ إمَّا حاصل، فلا يطلب؛ لكونه تحصيلًا للحاصل، وإمَّا غير حاصل فلا شعور به؛ فلا يطلب.
لا يقال: إنه حاصل من وجه دون وجه؛ لأنَّهُ يعود الكلام فيما يطلب من وجهيه، بل الجواب أنه يشعر بها؛ أي: بمفرداته التي ذكر أنها تطلب لعرف متميزة، وبغيرها مفضلة، ويطلب تخصيص بعضها بالتعيين كمن يرى أشخاصًا كثيرة فيهم زيد ولا يعرفه بعينه، فيسأل عنه من يعرفه فيضع يده على أحدهم فيقول: زيد هو هذا، أو يعرّفه بعلامة علمها لزيد دون من عداه، والتحقيق أنه ليس كل متصوّر متصوّرًا تفصيلًا؛ أي: تصورًا حاضرًا، بل منه ما هو كالمخزون المعرض عنه يُلتفت إليه بالقصد فيستحضر، فإذا استحضر جملة منه ورتّب حصل مجموع لم يكن، كمن بنى بناء ثمَّ - ربما انتقل الذهن منه إلى غيره مما كان مغفولًا عنه أو متوجهًا إليه يتعقله بوجه آخر كما ينتقل في الحرّ إلى الحارّ ومن الصوت إلى المصوّت، وقد أورد على التصديق مثله، فقيل: لا مطلوب منه؛ لأنَّهُ إمَّا حاصل أو غير مشعور به كما تقدَّمٍ.
والجواب: أنه يتصور النسبة نفيًا أو إثباتًا، والمطلوب تعيين أحدهما، وذلك أن العلم بالنسبة من جهة تصوّره غير العلم بحصولها، وإلَّا لزم من تصوّرها العلم بحصولها، فإذا تصورنا النفي والإثبات فشككنا فيهما أو حكمنا بتنافيهما لزم إجتماع النفي والإثبات، وهما نقيضان. ينظر: شرح المقدمة (١١) خ.
(٣) في ت: له.
(٤) في ح: بأن.
(٥) في ت: مفرداته.
(٦) في ت: يطلب.
(٧) في ب، ج: لتعرف.
(٨) في ت: ولغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>