للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَتَوَقَّفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُونَ.

واعلم أن جنس العلاقة لا بُدّ منه بالإجماع، وقد تقدم في قولنا: ولا بد من العلاقة؛ والتشخُّصُ لا يشترط بالإجماع، فلا يقول أحد: لا أطلق الأسدَ على هذا الشجاع، إلا إذا أطلقته العرب عليه بنفسه، بل يكفي إطلاقها لفظ الأسد على شجاع ما؛ لشجاعته، ثم نطلقه على كل شجاع، سواء أكان (١) من جنس ما أطلقته العرب عليه؛ كالأسد تطلقه (٢) العرب على زيد، فنطلقه نحن على عمرو الشجاعين (٣)، أم من غير جنسه؛ كإطلاقنا الأسدَ على غير إنسان من الشُّجعان؛ بجامع إطلاق العرب له على الإنسان الشجاع، وإلا لم يكن الآن مجازٌ على وجه الأرض؛ إذ (٤) ليس الآن شخص تَجوَّزتْ فيه العرب.

والنوع محل الخلاف: فهل تكفي العلاقةُ التي نَظَر العرب إليها؛ فإذا رأيناهم أطلقوا السبب على المسبَّب في مَوْضِعٍ، أطلقناه أبدًا، وأطلقنا من العلاقات ما يُسَاوي في المعنى السببَ على المسبَّب، أي نزيد عليه؛ كالمسبَّب على السبب، أو لا نتعدَّى (٥) علاقة أخرى، وإن ساوتها؛ ما لم تفعل العرب ذلك؟

اختار المصنِّف الأول؛ فهل يجوز مثلًا إطلاق لفظٍ باعتبارِ ما كان، وإن لم تستعمله العرب؛ لاستعمال (٦) ما هو نظيره، أو دونه؛ كإطلاقهم اللَّفظ باعتبار ما سيكون.

والمختار عند الإمام وأتباعِهِ الثاني، وهو معنى قول البَيْضَاوِيِّ في "منهاجه": شرط المجاز العلاقة المعتبرُ نوعُها (٧).

فقد تحرَّر أن الخلاف إنما هو في الأنواع، لا في الجنس، ولا في جزئيات النَّوْعَ الواحد.

واحتجَّ المصنِّف على ما ارتضاه بقوله: "لنا: لو كان" الإطلاق في الآحاد "نقليًّا، لتوقّف


(١) في ب: كان.
(٢) في ح: يطلقه.
(٣) في ج: الشجاعيين.
(٤) في حاشية ج: قوله: "إذ ليس الآن شخص … " إلخ هذا مسلم، ولا يمنع إطلاقنا الآن اللفظ عليه مجازًا لإطلاق العرب له كذلك، فإن أراد نفى مجاز مبتدأ فلا مانع منه، أو نفى مجاز نطقت به العرب فلا.
(٥) في أ، ب: يتعدى.
(٦) في حاشية ج: قوله: "لاستعمال ما هو نظيره … " إلخ فيه أنه يلزم إثبات اللغة بالقياس، ولا ينفع الجواب الآتي. تأمل.
(٧) ينظر: المنهاج مع النهاية ٢/ ١٦٤، والعضد ١/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>