للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إثباتها، وخلافنا فيها ليس معهم، بل مع القاضي.

وحصلنا من هذا، على أن من الناس: من نفى النقلَ مطلقًا؛ كـ (القاضي)، ومن أثبته مطلقًا؛ كـ (المعتزلة)، ومن فرَّق بين الدينية والشرعية فأثبت الشرعية؛ ونفى الدينية، وهو المختار، ولم يقلْ أحد بعكسه.

وهنا فوائد:

إحْدَاهَا: أن قوله: (وأثبت المعتزلة الدينية أيضًا)، يفهم أنهم أثبتوا الشرعية؛ لاقتضاء (أيضًا) ذلك.

وقد غلط بعض الشارحين؛ فزعم أن المعتزلة لا يثبتون الشرعية؛ وسبب وهمه (١) أن المصنِّف نصب الدليل من جِهَتِهِمْ في الدينية فقط، والمصنّف إنما فعل ذلك؛ لأنه يوافقهم في الشرعية، دون الدينية؛ فإن سكوته عن اختيار هذا القول، مع جزمه بإثبات الشَّرعية قرينةٌ في أنه لا يرى إثبات الدينية، وسيصرِّح به في الاستدلال.

الثانية: ليس في كلامه نقلٌ عن القاضي في الدِّينية، ومذهبه إنكارها؛ ولعلَّ المصنّف إنما فعل ذلك؛ لأنه إذا أنكر الشرعية، أنكر الدِّينية؛ بطريق أولى؛ لأن كل من أثبت الدِّينية، أثبت الشرعية، من غير عكس.

الثالثة: قوله: (الشرعية، والدِّينية)، لا شك أنهما صفتان لموصوفٍ محذوفٍ، وليس هو بالحقيقة؛ كما توهمه الشارحون، بل الأسماء والألفاظ؛ كما شرحناه؛ لقوله في (المنتهى): (الأسماء الشرعية)؛ ليشمل كلامه كلًّا من الحقائق الشرعية، والمجازات الشرعية؛ لأنهما سواء وفاقًا وخلافًا.

الرابعة: الشرعي، يطلق (٢) في اصطلاح الفقيه والأصولي، على أنواع:

الأول: ما لم يستفدِ اسمه إلَّا من الشرع؛ وهو المراد هنا.

الثاني: الواجب والمندوب فقط، وذكر إمام الحرمين في (الأساليب)؛ أنه الذي يعنيه الفقيه بالشرعي؛ ويشهد له قول الأصحاب: الجماعة في النَّفل المطلق غير مشروعة، يعنون: غيرَ مندوبة، وإلا فهي مُبَاحةٌ.


(١) في ب: زعمه.
(٢) في ج، ح: ينطلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>