للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقوله: "كذلك" أي: مثل الصلاة في النَّفل، لا في القطْع به، هذا تقرير كلامه.

ويشهد له كلامُه في (المنتهى)؛ إذ قال: لنا: القطع أن الصَّلاة للركعات، والظاهرُ أن الزكاة والصيام والحج كذلك.

فإن قلت: لم كان القطع موجودًا في الصلاة، دون غيرها؟

قلت: قد يقال: العرب كانت تعرف حجَّ البيت، وصومَ يومٍ إلى اللَّيل.

وقال داود الظاهري (١): لم يكن لفظ الزكاة معروفًا. عندهم ألبتة، ونحن نقطع (٢) بأنهم لم يكونوا عارفين بهذه الصَّلاة المخصوصة (٣).

وقوله: إن الصلاة: الدعاء - جزم منه بذلك.

وفي (المنتهى) قال: الدعاء أو الاتباع، وقد أشار إليه هنا من بَعْد؛ حيث يقول: ورُدَّ بأنه في الصَّلاة، وهو غير داعٍ ولا مُتَّبعٍ.

والمشهور: أن الصلاة في اللّغة: الدعاء الخَاصُّ؛ وهو الدعاء بخير.

وهل هي مشتركة بين الدعاء، والرحمة، أو حقيقة في الدعاء، مَجَازٌ في الرحمة؟.

ظاهر مذهب الشَّافعي الأول؛ إذ استدل على إعمال المشترك في معنييه بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ﴾ [سورة الأحزاب: الآية، ٥٦].

وذهب الزَّمَخشريُّ إلى أنها مجاز في الدعاء (٤)؛ ذكره عند الكلام على قوله تعالى في (البقرة) ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ [سورة البقرة: الآية، ٣]؛ حيث قال: وقيل للداعي: حصل؛ تشبيهًا في تخشّعه بالراكع والساجد. انتهى، وجعل حقيقة المصلِّي تحرُّك الصَّلَوَيْنِ.

ولقائل أن يقول: قوله: "الصلاة للركعات" يقتضي أن كل صلاة ذاتُ ركعات، والركعات صلاة شرعية إجماعًا، وكذلك الركعة الواحدة عندنا.

ولا يقال: فلم تجب (٥) ركعتان [على] (٦) من نَذَرَ أن يصلي؛ في أصح القولين؛ لأن


(١) أبو سليمان داود بن علي بن خلف بن سليمان الأصبهاني، ثم البغدادي إمام أهل الظاهر، ولد سنة ٢٠٠ هـ، أخذ العلم عن إسحاق وأبي ثور. قال العبادي: وكان من المعصبين للشافعي، وصنف كتابين في فضائله والثناء عليه. مات سنة ٢٧٠ هـ. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ١/ ٧٧، وفيات الأعيان ٢/ ٢٦، طبقات الفقهاء ص ٥٨.
(٢) في ج، ح: على قطع.
(٣) ينظر: شرح المهذب (٥/ ٢٩٥).
(٤) ينظر: الكشاف ٣/ ٥٥٧.
(٥) في أ، ت، ج، ح: يجب.
(٦) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>