وجاء في "مختار الصحاح": الفرض الحزُّ في الشيء، ومنه: فرضت الخشبة فرضًا من باب ضرب أي: حززتها. وقيل: معناه الإلزام. ومنه قوله ﷾: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ أي ألزمنا وأوجبنا العمل بها. ومنه: فرض الله الأحكام فرضًا أي أوجبها سميت بذلك؛ لأن لها معالمًا وحدودًا. فالفرض هو المفروض، وجمعه فروض، وقيل: معناه الإنزال ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ أي أنزل عليك القرآن، وهو ما قاله أكثر المفسرين، وقيل: معناه الحل، ومنه قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾ أي أحل له وأباحه له. ينظر: لسان العرب ٥/ ٣٣٨٧، ومختار الصحاح / ٤٩٨. تعريفه شرعًا: عرف الشافعية ومن وافقهم الفرض بتعريف الواجب؛ لأن الفرض والواجب عندهم مترادفان.
تعريف الواجب شرعًا عند الحنفية: عرف علماء الأحناف الواجب شرعًا بتعريفات متعددة منها: تعريف صدر الشريعة: فقد عرفه صدر الشريعة بقوله: ما كان فعل أولى من تركه مع المنع من الترك بدليل ظني. أما تعريف الواجب عند الإمام النسفي: فقد عرفه الإمام النسفي في كتابه "المنار في أصول الفقه" بقوله: "ما ثبت بدليل فيه". والواقع أن الخلاف بين الحنفية وغيرهم خلاف لفظي وليس حقيقيًا؛ لأنهم جميعًا متفقون على أن ما ثبت بدليل ظني لا يكون في قوة ما ثبت بدليل قطعي، وأن جاحد الأول لا يكفر بخلاف جاحد الثاني، كما أنهم متفقون على تفاوت مفهومي الفرض والواجب في اللغة. وإنما الخلاف بينهم في التسمية فقط، فنحن نقول: إن الفرض والواجب لفظان مترادفان اصطلاحًا نقلًا عن معناهما اللغوي إلى معنى واحد هو الفعل المطلوب طلبًا جازمًا، سواء ثبت ذلك بدليل قطعي أو ظني، والحنفية يخصون كلا منهما باسم خاص ويجعلونه اسمًا له، وهذا اصطلاحا ولا مشاحة في الاصطلاح. ومقتضى كون الخلاف لفظيًا ألا يكون له أثر في الفروع يترتب على الفرق بين الفرض والواجب، وهو كذلك. وما يظن من أن هذا الخلاف حقيقي؛ لأن له أثرًا ظهر في ترك قراءة الفاتحة في الصلاة حيث قيل بتأثيم التارك وعدم فساد صلاته إن أتى بقراءة غيرها، بخلاف تارك القراءة فيها أصلًا حيث قيل بتأثيمه وفساد صلاته - غير سديد لأن عدم الفساد عندهم ليس ناشئًا من التفرقة بين الفرض والواجب، وإنما هو ناشئ عن الدليل الذي دل المجتهد على الحكم، وهو ظنية الدليل الذي تسبب عنه أمران: التسمية بالواجب، وعدم الفساد، ولا يلزم من سببية شيء لأمرين أن يكون أحدهما سببًا=