للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَمِيعِ بِالتَّرْكِ بِاتِّفَاقٍ. قَالُوا: يَسْقُطُ بِالْبَعْضِ. قُلْنَا: اسْتِبعَادٌ.

قال الغَزَّالي: وهو مهم ديني يقصد الشرع حصوله، ولا يقصد به عين مَنْ يَتَوَلَّاهُ (١).

واجب "على الجميع، ويسقط بالبعض" عند الجمهور، ومنهم المصنّف، وأبي رحمه الله تعالى.

وقيل: على البعض - وهو المُخْتَار.

ويعبَّر عنه بأنه غير واجبٍ على واحدٍ بعينه إلَّا بشرط ألَّا يقوم به غيره.

[قال ابنُ السَّمْعَاني: فيكون على الأول فرضًا إلا أن يقوم به] (٢) الغير [فيسقط، وعلى الثاني ليس بفرض إلَّا ألَّا يقوم به الغير] (٣) فيجب، ومَدَاره على الظنون، فإن ظن قيام غيره به سقط، أو عدم قيامه لم يسقط (٤).

"لنا: إثم الجميع بالترك باتِّفَاق"، ولو لم يتعلّق بالكُلّ لما أثموا.

ولك أن تقول: إنما أثموا لوقوع تفويت المقصد الشرعي، ولم يأثم الكل، لكونهم تركوا.

وعند هذا نقول: الدليل لنا لا لكم؛ إذ نقول: لو وجب على الجميع لأثموا بتركهم إياه، وليس كذلك، وإنما يأثمون بعدم وقوعه في الخارج، لا بعدم (٥) إيقاعهم إياه.

فإن قلت: كيف يأثمون على ما ليس من فعلهم؟

قلت: هم مكلفون بوقوع هذا الفعل في الخارج، سواء كان وقوعه منهم أم من غيرهم، وذلك مقدور لهم بتحصيلهم بأنفسهم أو بغيرهم.


(١) فخرج بالقيد الأخير فرض العين، ومعنى هذا أن المقصود من فرض الكفاية وقوع الفعل من غير نظر إلى فاعله، بخلاف فرض العين؛ فإن المقصود منه الفاعل، وجعله بطريق الأصالة لكن الحق: أن فرض الكفاية لا ينقطع النظر عن فاعله بدليل الثواب والعقاب. نعم ليس الفاعل فيه مقصودًا بالذات بل بالعرض؛ إذ لا بد لكل فعل من فاعل، والقصد بالذات وقوع الفعل. وقوله: "ديني" بناه على رأيه أن الحرف والصناعات وما به قوام المعاش ليس من فرض الكفاية كما صرح به في "الوسيط" تبعًا لإمامه، لكن الصحيح: خلافه، ولهذا لو تركوه أثموا. وما حرم تركه وجب فعله. ينظر: البحر المحيط ١/ ٢٤٢، والمستصفى ٢/ ١٤.
(٢) سقط في ح.
(٣) سقط في ت، ج، ح.
(٤) ينظر: البحر المحيط ١/ ٢٤٥.
(٥) في ت: بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>